للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إنّما يخدمونك لأن ينالوا الوزارة آخر أمرهم، وإذا كان الوزير من غيرهم تنحرف قلوبهم عنك، فيختل أمر سلطنتك، فاستحسنه السُّلطان محمَّد خان، وعرض له قضاء العسكر فقبله.

وكان السُّلطان محمَّد قد جعل المولى خُسْرَو قاضيًا بالعسكر المنصور في جلوسه الأول، فلمَّا عزل عنه السلطنة تركه أركان السلطنة بأجمعهم، ولم يتركه المولى خُسْرَو، فقال له السُّلطان محمَّد خان: اذهب أنت أيضًا معهم، فقال: لا أذهب إنَّ من المروَّة أن يشارك الرجل صاحبه في الدولة والعزل، فأحبه السُّلطان محمَّد لهذا الكلام محبة شديدة، وجعل له في سلطنته الثانية في كل يوم مئة درهم.

ثم إنّ المولى الكُوْرَاني لما باشر أمر القضاء أعطى التدريس والقضاء (١) لأهلها من غير عرض على السُّلطان، فأنكر السُّلطان على هذا الأمر، ولكن استحى منه أن يظهره، فشاور مع الوزراء فأشاروا على أن يقول له: سمعت أنّ أوقاف جدي بمدينة بروسا قد اختلَّت فلا بد تداركها، فقال له السُّلطان هذا الكلام، قال المولى المذكور: إن أمرتني بذلك أصلحها، قال السُّلطان: هذا (٢) يقتضي زمانًا مديدًا، فتقلَّد بروسا مع تولية الأوقاف، فقبل المولى المذكور، وذهب إلى مدينة بروسا، فجعل السُّلطان محمَّد المولى مجد الدِّين قاضيًا بالعسكر المنصور بعده.

وكان المولى المزبور صاحب سيرة حسنة وطريقة مرضية، ثم بعد مدة أرسل السُّلطان محمَّد خان واحدًا من خدامه إلى المولى الكُوْرَاني وبيده مرسوم السُّلطان وضمنه أمر يخالف الشرع، فخرق الكتاب وضرب الخادم، فاشمأزّ السُّلطان من ذلك فعزله، ووقع بينهما منافرة، فارتحل المولى المذكور إلى مصر وسلطانها يومئذ


(١) أ: والفتيا.
(٢) زائدة في ع: الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>