ولا يبلغ سوقية شاوي الملك، ولا يجري كوكبه جري الفلك، لكن من قدر عليه رزقه فليُنفق مما آتاه الله، وليس ما لا يدرك كله لا يترك كله.
وبعد ما بلغ رتبة الفضل والكمال، ونال المنصب الأعلى بالعزِّ والإجلال، ساعده التوفيق، وخرج إلى زيارة بيت الله العتيق، ولما دخل القاهرة يريد الحج اجتمع به فضلاء العصر وكبراء مصر، وذاكروه وباحثوه وشهدوا له بالفضيلة.
وحج سنة اثنتين وعشرين وثمانمئة، فلما رجع طلبه المؤيد، فدخل القاهرة واجتمع بفضلائها، فأعجبوا بكمال فضله، وشمول علمه، وفصاحة لسانه، وحسن كلامه، وجميل حلمه.
ثم رجع وكان قد أثرى إلى الغاية حتى يقال: إنّ عنده من النقد خاصة مئة ألف وخمسين ألف دينار، كذا ذكره في "الشقائق"، وقال: سمعت من والدي ﵀ يحكي عن جدي أنّ المولى الفَنَاري كان مدرِّسًا بمدرسة بروسا في مدرسة مناستر، وكان قاضيًا بها ونقيبًا في المملكة العثمانية، وكان صاحب ثروة عظيمة، وجاه واسع، وصاحب أبهة وشوكة، وكان إذا خرج إلى الجامع يوم الجمعة يزدحم النّاس على بابه بحيث يملأ من النّاس ما بين بيته وبين الجامع، وكان له عبيد لا يحصون.
حكي أنّ المولى الخطيب زاده قال للسلطان محمَّد خان: إنّ المولى الفَنَاري أحسن مصنفاته "فصول البدائع" وأنا أُزَيِّفُه (١) بأدنى مطالعة، وكان له مع ذلك اثنا عشر من العبيد يلبسون الثياب الفاخرة، وكان له في بيته جوار لا يحصين كثرة، أربعون منهم يلبسون القلانس الذهبية.