للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

شرف النسب، فرجح إذا تساوى الحسب، فانشرح صدر الشريف الجُرْجَاني، وأقدم على إفحام العلامة التَّفْتَازَانِي، وكان سعد الملَّة قد اشمأزَّ من هذا التعيين طبعه واقشعر منه فهمه وسمعه:

وقد كان سعد الدِّين أستاذ عصره … عزيزًا رفيع الشأن مرتفع القدر

لما فاق أفراد الزمان بتصنيفه … يعظمه الأشراف يستصحب الصدر

في كل أوان يسمح بالمراد الزمان، وإلى الله منه الشكاية، وقد وقع نظير هذه الحكاية بين الشريف وبين محمَّد بن محمَّد الجزري عفى عنهما العفو القوي، وكانت هذه الواقعة في تاريخ سنة ست وثمانمئة، والأولى في سنة إحدى وتسعين وسبعمئة، وهي قصة غريبة، نَقُصُّها عليك ليزداد يقينك بما ذكرنا لديك، فإنَّ تيمور حين أراد الظهور جمع البغاة والفسَّاق، وأقام الفتنة على قدم وساق، وأغار البلاد، وأباد العباد، فتغلَّب على بلاد ما وراء النهر، وخرب القرى والأمصار بالقهر، ثم مشى على الروم مشي الموسى على الشعر، وسعى سعي الدّبَا على الزرع الأخضر (١)، فقابل السُّلطان يلدرم بايزيد خان، فكان ما كان من قضاء الله العزيز الجبار جلّى السُّلطان، وقدر الله القدير القهَّار قوي البرهان، فإنّ الله تعالى تصريفًا في عباده، ولا بد أن ينفذ فيهم سهم مراده، والقدر ينشد، والقضاء يرشد.

وقد وقعت هذه الوقعة العظيمة، ثم نزل مدينة بروسا سنة خمس وثمانمئة، وكان ابن الجزري (٢) تصدَّر فيها للإقراء، وكان شيخًا كبيرًا مشهورًا بالرواية والذَّكاء، وحافظًا متقنًا متَّصفًا بجودة الاستماع والإصغاء، وكان عالمًا علَمًا في الحديث


(١) ض: الخضر.
(٢) في الأصل الثلاث: ابن الجوزي ولعل الصواب ما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>