أدائها أخذها الإمام كرها ووضعها في أهلها وتجزيه؛ لأنّ للإمام ولاية أخذها، فقام أخذه مقام دفع المالك باختياره حقيقة.
والمعتمد في المذهب عدم الأخذ كرهًا، قال في "المحيط": ومن امتنع من أداء الزكاة فالساعي لا يأخذها (١) كرهًا، ولو أخذها لا يقع عن الزكاة لكونها بلا اختيار، ولكن يجبره بالحبس ليؤدي بنفسه، انتهى من "الأشباه والنظائر" لابن نجيم [إلى هنا.
والشَّيخ أبو منصور الماتريدي زيَّف هذا، فإنّه قال: لا بد من إعلام المتصدق عليه، وأيضًا لاخفاء في أنّ الزكاة عبادة محضة كالصلاة، فلا تتأدى إلا بالنية الخالصة لله تعالى، ولم توجد ثمَّة.
ثم اعلم أنّ العبادة المذكورة في "الهداية" هذه والزكاة مصرفها الفقراء ولا يصرفونها إليهم، وقيل: إذا نوى بالدفع التصدق عليهم تسقط عنه، وكذا الدفع إلى كل سلطان جائر؛ لأنهم بما عليهم من التبعات فقراء، والأول أحوط، فعليك أن تتأمل في هذه الرواية هل يفهم منها إلا سقوط الزكاة عن المظلوم نظرًا له ودفعًا للحرج عنه، وهل لهذه الرواية دلالة على أنّه يجوز للخوارج وأهل الجور أن يأخذوا الزكاة ويصرفونها إلى حوائجهم، ولا يصرفونها إلى الفقراء بتأويل أنهم فقراء، فانظر إلى هذا الذي أدرج في الإيمان ركنًا آخر كيف يتمسك بهذه الرواية فسوِّغ لولاة هراة أخذ العشر والزكاة بالصفة المعلومة، بل فرض عليهم ذلك، وحكم بكفر من أنكره، والصفة المعلومة أن يحرض الأغوية في أخذ الخارج عن الأرض أضعافًا مضاعفة، فيضعوا على الملاك القيم ويأخذوها جبرًا وقهرًا، ويصرفوها كما هو عادة أهل الإسراف والإتراف، انتهى كلام صدر الشَّريعة.