[وقال في قصيدة وقد بلغه أنه يهاجر إلى بغداد وكلمه في ذلك، منها:
يساعفني عفوًا برغم زماني … غزال أصاب القلب حين رماني
ويطرقني نشوان كالقمر الذي … أطلت عليه ستة وثماني
أمام يريك الفضل أضعاف صيته … وكم صيت قوم ضائع بعياني
له الخاطر الوقَّاد يعلو أضرابه … وأفئدة الحسَّاد في الغلياني
يدبر تقويم الأمور قياسه … فدع أثر الأفلاك والدوران
هو الثَّاقب السَّعد الأخير ولن يرى … مقابله في ألف ألف قرآن
ولولاه لم ينزع من القلب والحشا … نزاع عراقي لنا ويمانِ (١)
أأشتاق من بغداد شاطي دجلة … وأهجر في خُوَارِزْم بحر عمان
فلا زال للفتوى مدى الدَّهر باقيًا … على ذمَّة من ربِّه وضمان
ورأيت في ديوان تلميذه رضي الدِّين البرهاني قصيدة قالها في مرثية مولانا علامة العالم نجم المِلَّة والدِّين الزَّاهدي تغمده الله بغفرانه، منها شعر:
يا جامع الطرف في الدنيا ألست ترى … صنيع دهرك أم عن طرفك استترا
لا تغتررْ بسرورٍ بعدَه حزنٌ … ونعمةٍ نفعها يستعقب الضَّررا
عجبتُ ممَّن يرجى طول راحته … في ظل عمرٍ كإبهام القطا قصرا
إني ببيت رخا الشرب ذا دَعة … والموت في أثره يمشي له الخمرا
فكن على حذرٍ واعلم بأنَّك إنْ … لم تلقه رائحًا لاقاك مبتكرا
أما ترى مقتدي الإسلام كيف هوى … به الرَّدى فاعتبر إن كنْتَ معتبرا
(١) أ: يماني.