عاد الولي الأقرب بعد ما عقد الأبعد بطل عند زفر ﵀ للقدرة على الأصل، وعندنا لا يبطل لحصول المقصود بالخلف، كذا ذكره في "شرح النظم"، لكن ذكر في "المبسوطين" وغيرهما أنّ الأبعد لا يجوز له أن يعقد النكاح عند زفر والشَّافعي حتى يحضر الأقرب أو يوكل غيره فيزوجها، فعندهما لا يثبت للأبعد الولاية.
قلت: وعلى هذا لا يستقيم قوله: "ومبطل عود الولي الأقرب"؛ لأنّ الإبطال يستدعي سابقة العقد، فسألت الشَّيخ الإمام الأجَل الأستاذ حميد الدِّين الضَّرير ﵀ عن هذا، فقال: يحتمل أن يكون عن زفر روايتان، وبيان حد الغيبة المنقطعة عنه دليل على هذا، ولا يفيد.
ثم قال: ويحتمل أن يكون منعقدًا؛ إذ حاله لا يكون أدنى من الفضولي، قلت: لو كان كالفضولي كان ينبغي أن لا يبطل العقد بمجرد العود ما لم يرد، فقال: نعم، إن لو كان فضوليًّا من كلِّ وجه وليس كذلك فإنّه إنما عقد بجهة الولاية، فبالنظر إلى جهة الفضولية نقول بالانعقاد، وبالنظر إلى جهة الولاية التي هي زعمه يبطل بالعود عملًا بالشَّبهين.
وكان للإمام العلامة حميد الدِّين الضَّرير تصانيف كثيرة، منها: حاشية "الهداية" المسماة ب "الفوائد"، علقها على مواضع مثلها من "الهداية"، و "شرح المنظومة النَّسفية"، و "شرح النَّافع"(١)، و "شرح الجامع الكبير"، وغير ذلك.
قال في "الهداية" في باب صدقة الفطر: ومن باع عبدًا وأحدهما بالخيار، ففطرته على من يصير إليه العبد، معناه: إذا مر يوم الفطر والخيار باقٍ، وقال زفر: على من له الخيار لأنّ الولاية له، وقال الشَّافعي: على من له الملك لأنّه من