جمعة الرغائب وليلة القدر مع الجماعة، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، خصوصًا إذا استمر في البلاد والأمصار؛ لأن العرف إذا استمر نزل منزلة الإجماع، وكذا العادة إذا استمرت واشتهرت.
في أكثر بلاد الإسلام يصلون الرغائب مع الإمام، وصلاة القدر ليلة القدر، وليالي رمضان؛ لكون القدر في رمضان، لكن غير معلوم في أي ليلة خصوصًا عند أبي حنيفة ليلة القدر دائرة، سنة تتقدم وسنة تتأخر، ولم يشتهر أن النبي ﷺ صلى ليلة النصف من شعبان وليلة جمعة الرغائب وليلة القدر مع الجماعة، ومع ذلك يصلي المؤمنون مع الجماعة في أكثر أمصار الموحدين وبلادهم مع الجماعة، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.
وفي تلك الصلوات مع الجماعات مصالح وفوائد، نحو رغبات المؤمنين والمؤمنات في تلك الصلوات، وإعطاء النفقات (١) من الدراهم والأطعمة والحلاوات وغير ذلك، وحصول الدراهم للأئمَّة المحتاجين في تلك الليالي.
وقد رخص بعض المتأخرين صلاة النوافل مع الجماعة مبنيًّا على هذه المصالح، ومنع بعض الفقهاء ذلك، لكن إفسادهم أكثر من إصلاحهم؛ لأن في المنع منع الصدقات، ومنع رغبة النّاس عن الحضور مع الجماعات، وتكثير الرغبة في الجماعة أنفع، ولما لم يقدروا العلماء منع السماع المحرم كيف يقدرون منع الصلاة مع الجماعة وإعطاء الصدقة من الدراهم والأطعمة ونحو ذلك، وذلك ليس مرضيًّا عقلًا وسمعًا، ومن أفتى بذلك فقد أخطأ في دعواه، فليذكر صلاة الاستفتاح وغيره، إلى هنا من "المحيط البرهاني".
ورأيت في "محيط رضي الدِّين السَّرَخْسي" في باب التطوع المطلق من كتاب