للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكانوا إذا اجتمعوا بادر بعضهم على بعض فتناظرا فيما إذا قال لعبده -وهو أكبر سنًّا منه-: أنت ابني، واستدل أبو محمَّد الجويني، وقال: لا يثبت النَّسب فلا يثبت العتق، فاعترض عليه الصَّيدلي، وقال: يبطل هذا الكلام بمشهور النسب، فإنه يعتق عليه ولا يلحقه نسبه، فقال الجويني: لا أسلِّم، فإنّه يلحقه النسب أيضًا، فقال الصَّيْدلي: فأبو المعالي -وأشار إلى أبيه- ابني، فضحك من حضر، وتولَّد من قوله جفاء، ولما مات أبو المعالي الجويني أحرق أصحابه الكرسي الذي كان يدرِّس (١) عليه، فقال الصَّيدلي: (حقيق بكرسي يذكر عليه أربعين سنة أن يحرق) (٢)، فقال أصحاب أبي المعالي: لو علمنا أنَّ هذه الكلمة تسير وتصير نادرة بين العوام (٣) ما أحرقناه.

وهذه المسألة مشهورة في الكتب، لو قال: هذا ابني، للأكبر منه سنًّا أو الأصغر ثابت النسب، فإنّه يعتق بلا نية، الأكبرية في الأول، وثبوت النسب في الثاني يمنعان إرادة المعنى الحقيقي وهو ثبوت البنوة، فيصار إلى المجاز، ويراد به الحرية اللازمة للبنوة، وفيه خلاف الإمامين والشَّافعي.

وفي "فتاوى قاضي خان" في فصل العتق بدعوى النسب من كتاب العتاق: رجل قال لعبده: هذا ابني، أو قال لجاريته: هذه ابنتي؛ إن كان المملوك يصلح ولدًا له وهو مجهول النسب يثبت النسب ويعتق العبد؛ سواء كان العبد أعجميًّا جليبًا (٤) أو مولدًا، وإن كان العبد يصلح ولدًا له، لكنه معروف النسب؛ يعتق العبد في قولهم


(١) ع: يعظ.
(٢) ع: (كرسي يذكر عليه أربعين سنة ويحرق).
(٣) ع: الناس.
(٤) أ: جلبيًا. ع: (أو جليبًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>