فكان الثاني عين الأول، إلا أن يجيء ماء غالب، أو كان المشتري رفع التراب عن وجه الأرض فيعلم أنها نُزَّت لرفع التراب أو للماء الغالب الذي جاء في موضع آخر، فيكون النَّزُّ عند المشتري غير الذي كان عند البائع، أو يشتبه فلا يدري أنه عين الأول أو غيره، فلا يكون له أن يرد.
وقال القاضي الإمام أبو الحسن علي السُّغْدي: الجواب في مسألة الحمَّى والنَّزِّ ما قال الشَّيخ الإمام، إلا أنه يُشْكِل بما ذكر في "الزيادات" في رجل اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو لا يعلم ذلك، فانجلى البياض عند المشتري ثم عاد، ليس له أن يرد، وجعل الثاني عين الأول، ولو اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو يعلم بذلك، فلم يقبضها حتى انجلى البياض، ثم عاد بياضها عند البائع، لا يكون للمشتري أن يرد، وجعل الثاني عين الأول الذي رضي به إذا كان الثاني عند البائع، ولم يجعل الثاني عين الأول إذا عاد البياض عند المشتري، وقال: لا يرد.
وقال القاضي الإمام بُنْدار ﵀: كنت أشاور شمس الأئمة الحَلْوَاني وهو يشاور معي فيما كان مشكلًا إذا اجتمعنا، فشاورته في هذه المسألة فما استفدت فرقًا.
وفي "فصول مجد الدِّين محمد الأُسْتُرُوْشَني" قال: وفي "الذخيرة": إذا شهدوا بملكية أرض وبيَّنوا حدودها، وقالوا: هي بمقدار خمس مكاييل بذر، والمدعي يدعي ذلك، وأصابوا في بيان الحدود وأخطؤوا في بيان المقدار، فظهر أنه يسع ثلاث مكاييل بذر؛ حكي عن شيخ الإسلام أبي الحسن السُّغدي أنه قال: لا تبطل الدعوى والشهادة؛ لأنَّ بيان مقدار البذر بعد ذكر الحدود غير محتاج إليه، فصار ذكره وعدم ذكره سواء، وأجاب بعض مشايخ زمانه أنه يبطل الدعوى والشهادة، ونصَّ في" السير الكبير": أنَّ ذكر الشاهد في شهادته ما لا يحتاج إليه للقضاء بالمشهودية وعدم ذكره سواء.