للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكانت مجالس الحسن مجالسَ الذِّكر، يخلو فيها مع إخوانه وأتباعه من النُّساك والعبَّاد في بيته، فيقول: هاتوا انشروا النور، فيتكلم عليهم في هذا العلم من علم اليقين والقدرة، وفي خواطر القلوب وفساد الأعمال ووسواس النفوس، فربما قنع أصحاب الحديث برأسه، فاختفى من ورائهم ليسمع ذلك، فإذا رآه الحسن قال له: يا لكع! وأنت ما تصنع هاهنا، إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر.

والحسن هو إمامنا في هذا العلم الذي نتكلَّم فيه، إثره نقفوا، وسبيلَه نتَّبع، ومن مشكاته يستضيء أحدنا بإذن الله تعالى، إمامًا عن إمام إلى أن ينتهي ذلك إليه.

وكان من خيار التابعين بإحسان، لقي سبعين بدريًّا، ورأى ثلاثمئة صحابي.

وكان قتادة العدوي يقول: عليكم بهذا الشيخ، فوالله ما رأينا أحدًا لم يصحب رسول الله أشبه بأصحاب رسول الله منه.

وكان الحسن أول من أنهج سبيل هذا العلم وفتق الألسنة بها، ونطق بمعانيه، وأظهر أنواره، وكشف قناعه، وكان يتكلَّم بكلام لم يسمعوه من أحد من إخوانه، ثم كان يتكلم بهذا العلم بعده الحبيب العَجَمِي.

وله حكايات عجيبة (١) مشهورة، منها: أنّه تقدَّم يومًا لصلاة الفجر في الإمامة؛ لغيبة الحسن البصري، فجاء الحسن واقتدى به، فلمَّا تم صلاته أعاد الحسن صلاته؛ لأنّه لم يكن فصيحًا بمثابة الحسن، فنودي أنَّه قُبلَتْ صلاتك هذه بطفيل الحبيب في عمرك، وأنت رفضتها بنفسك.

وفي "قوت القلوب" في باب شرح مقام الشوق في ذكر وصف بعض المحبوبين


(١) ساقطة من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>