للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يديه سلَّم عليه، فلم يردَّ عليه السَّلام، فقال الشيخ: ما استعملت معي لا أدب الله ﷿، ولا أدب رسول الله ، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: ٨٦]. وأمر النبي برد السَّلام، فقال له أبي: وعليك السلام.

ثم قال لابن دؤاد: سله، سله. فقال: يا أمير المؤمنين! أنا محبوس مقيد أصلِّي في الحبس بتيمم، مُنِعتُ الماءَ، فمُرْ بقيودي تُحَل، ومُرْ لي بماء أتطهَّر وأصلِّي، ثم سلني، فأمر به بحلِّ قيوده (١)، وأمر له بماءٍ فتوضَّأ وصلَّى.

ثم قال لابن دؤاد: سله. قال الشيخ: المسألة لي مُرْهُ تجيبني، فقال: سل، فأقبل الشَّيخ على ابن أبي دؤاد، فقال: أخبرني عن هذا الأمر الذي تدعو الناس إليه، أشيء دعا إليه رسول الله ؟ قال: لا. قال: فشيء دعا إليه أبو بكر الصديق بعده؟ قال: لا. قال: فشيء دعا إليه عمر ؟ قال: لا. قال: فشيء دعا عُثمان بعدهم؟ قال: لا. قال: فشيء دعا إليه علي بعدهم؟ قال: لا. قال الشيخ: فشيء لم يدعُ إليه رسول الله ، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي تدعو أنت إليه النَّاسَ، ليس يخلو أن تقول: علِموه، أو جهلوه؛ فإن قلت: علموه وسكتوا عنه، وسعنا وإياك من السكوت ما وسع القوم، وإن قلت: جهلوه وعلمتَه أنت فيا لكع بن لكع، يجهل النبي والخلفاء الراشدون شيئًا وتعلمه أنت وأصحابك!

قال المهتدي: وثب أبي قائمًا، ودخل إلى الحجرة، [وجعل] بأثوابه (٢) في فيه يضحك، ثم جعل يقول: صدق ليس يخلو من أن نقول: علموه، أو جهلوه، فإن قلنا: علموه وسكتوا عنه وسعنا من السكوت ما وسع القوم، وإن قلنا: جهلوه وعلمتَه


(١) ساقطة من: ض.
(٢) أ: بأثوابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>