للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وصوله، ولما ولي الخلافة محمد (١) المعتصم بن هارون طلبه، وكان في سجن المأمون، وكان المأمون لما توفي عهد إلى أخيه المعتصم بالخلافة، وأوصاه بأن يحمل الناس على القول بخلق القرآن، واستمر الإمام أحمد محبوسًا.

روي أنه مكث في السجن ثمانية وعشرين شهرًا، ولم يزل مع ذلك يحضر الجماعات، فأحضره المعتصم، وعقد له مجلسًا للمناظرة، فيه عبد الرَّحمن بن إسحاق والقاضي أحمد بن أبي دؤاد وغيرهما، فناظروه ثلاثة أيام، ولم يزل معهم في جدال إلى اليوم الرابع، فأمر بضربه، فضُرِبَ بالسياط، ولم يزل على الصبر إلى أن أُغمي عليه، ثم حمل وصار إلى منزله.

ثم ولي الخلافة الواثق، فأظهر ما أظهره المأمون والمعتصم، وكان أحمد بن حنبل يحضر الجماعات ويفتي إلى أن مات المعتصم، وفي زمان الواثق صار مختفيًا، لا يخرج إلى الصلاة ولا إلى غيرها، ولا يفتي؛ لما قاله الواثق ونبَّهه بأن لا تجمعنَّ إليك (٢) أحدًا، ولا تساكني في بلد أنا فيه.

فأقام مختفيًا إلى أن مات الواثق وولي الخلافة المتوكِّل، فرفع المحنة، وأمر بإحضار الإمام أحمد بن حنبل، فأكرمه وأطلق له مالًا كثيرًا، فلم يقبله، وفرَّقه على الفقراء والمساكين، وأجرى المتوكل على أهله وولده في كلِّ شهر أربعة آلاف درهم، فلم يرضَ الإمام أحمد بذلك.

ذكر الدَّمِيْرِي عن الحافظ أبو الأجري: بلغني عن المهتدي بن (٣) الواثق بالله أنه قال: ما قطع أبي -يعني الواثق- إلا شيخ جيء به من المِصِّيْصة مقيَّدًا فلما وقف بين


(١) في الأصل: إبراهيم، والتصويب من "المعارف" لابن قتيبة (ص: ٣٩٢).
(٢) أ: عليك.
(٣) ساقطة من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>