للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بأخرى، وهو يقول: حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر، ويضرب بيده على قبر النبي .

قال الشَّافعي: فلمَّا رأيتُه هِبْتُه (١) الهيبة العظيمة، وجلست حيث انتهى المجلس، فأخذت عودًا من الأرض، وجعلت كلما أمْلى مالكٌ حديثًا كتبته بريقي على يدي، والإمام مالك ينظر إليَّ وأنا لا أعلم حتى انفضَّ المجلس.

وجلسَ مالكٌ ينتظرُ عشاء المغرب، ولم يرني انصرفْتُ، فأشار إليَّ، فدنوْتُ منه، فنظر إليّ ثم قال: أحرميٌّ أنت؟ قلْتُ: حرمي (٢)، فقال: أمكيٌّ أنت؟ قلتُ: مكِّيٌّ. قال: أقرشيٌّ أنت؟ (٣) قلت: قرشي. قال: كملَتْ صفاتك، لكن فيك إساءة أدب. قلت: وما الذي رأيْتَ من سوء أدبي؟ قال: رأيتك وأنا أملي أخبار رسول الله وأنت تكتب بريقك على كفِّك، فقلْتُ له: عدمت البياض، فكنت أكتب ما تقول، فجذب مالك يدي وقال: لا أرى فيه شيئًا، قلت: إن الرِّيق لا يثبت على اليد، ولكن فهمت جميع ما حدَّثت به منذ جلست، وحفظته إلى حين قطعت.

فعجب الإمام مالك من ذلك فقال: أعد عليَّ، ولو حديثًا واحدًا، قال الشَّافعي: فقلْتُ: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر، وأشرْتُ إليه كما أشار، حتى أعدت خمسة وعشرين حديثًا حدَّث بها من حين جلس إلى وقت قطع.

فصلى مالك المغرب، وأقبل على عبده فقال: خذ بيد سيدك إليك، وسألني النهوض معه، فقمت غير ممتنع إلى ما دعا من كرمه، فأتيت الدار فما لبثت حتى أقبل مالك والغلام حامل طبقًا، فوضعه من يده، وسلَّم الإمام عليَّ، ثم قال للعبد: اغسل


(١) ع: (تلك الهيئة).
(٢) ع: نعم.
(٣) ساقطة من: ض، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>