عن "مبسوط خَواهَرْ زَادَه"، ذكر القاضي أبو العلاء صاعد بن محمَّد في "كتاب العقيدة" عن أبي سليمان الجُوْزَجاني: أن رجلًا جاء إلى أبي حنيفة فقال: أرى مقالات الناس مختلفة، وقد بقيت فيما بينهم متحيرًا، لست أفقه على صواب القول منهم، أُحِب يا أبا حنيفة أن تبيِّن لي طريقًا أكون عليه فأنجو غدًا من النار، وترضى لي بما ترضاه لنفسك، وإذا تابعتك لا أُلام عليه، فقال أبو حنيفة: أدركت الناس وهم يقولون: من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فقد أخلص الملك لله، وتبرأ ممن عبد من دونه، وخلع الأنداد والأشباه.
ثم الواجب عليهم بعد الشهادة بوحدانيته وبإثبات رسوله وإقراره بالمفروضات من الصلاة والزكاة والحج لمن استطاع والصوم والبراءة من الكفر والشرك: العملُ بما افترض عليه من ذلك، فمن استقام على ذلك ومات عليه فهو من أولياء الله، ومن استقام على الشهادتين وقصر في هذه المفروضات فأمره إلى الله؛ إن شاء عذبه على تضييعه، وإن شاء عفا عنه.
وإيَّاك أن تشتم أحدًا من أصحاب النبي ﷺ، ودع سرائرهم إلى الله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ١٣٤]، وتؤمن بالقدر كله، ﴿وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [النساء: ١٧١]، وارضَ للناس ما ترضي لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، ولا تقل في دين الله برأيك، ولا تتأوَّل على الله، ولا تعترض عليه، فإن الله: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣].
وعن أبي عصمة نوح بن أبي مريم الجامع لقبُه، قال: سألت أبا حنيفة: مَنْ أهل السنَّة والجماعة؟ قال: من فضَّل أبا بكر وعمرَ وأحبَّ عُثمان وعليًّا ﵃، ورأى المسح على الخفين، ولم يكفِّر أحدًا بذنب، وآمن بالقدر خيره وشره من الله