للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

روي عن صدر الأئمة أنه قال: بلغت مسائل الإمام خمسمئة ألف مسألة مع ما أودع في كتبه من المسائل الغامضة الصِّعاب المبنيَّة على خفيَّات النَّحو وأسرار العربية ودقائق الحساب.

روي أنه دعاه المنصور ليجعله قاضي القضاة فأبى فحبسه، ثم دعاه فقال: ما لَك لا تدخل في عملنا؟ قال: لا أصلح لذلك، قال: كذبت، فقال: سبحان الله! حكم الخليفة بأني كاذب، والكاذب لا يصلح، وإن كنت صادقًا فالعذر ظاهر.

روي أن الرَّبيع صاحب المنصور كان يعادي أبا حنيفة، فحضر يومًا عند أمير المؤمنين فقال الربيع: يا أمير المؤمنين! إن أبا حنيفة يخالف جدَّك ابن عباس، وكان جدُّك يقول: إذا حلف الرجل على يمين ثم استثنى بعد ذلك بيوم أو يومين كان ذلك جائزًا، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الاستثناء إلا متصلًا باليمين، فقال أبو حنيفة: يا أمير المؤمنين! إن الربيع يزعم أن ليس لك في رقاب جندك بيعة، قال: وكيف؟ قال: يحلفون لك، ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون، فتبطل أيمانهم. وقال المنصور: يا ربيع لا تتعرض لأبي حنيفة.

وروي أن المنصور دعاه، والثوري، وشريكًا، ومسعرًا، ليقلدهم، فقال الإمام: أما أنا فأحتال، والثوري يهرب، ومسعر يتجنَّن، وأما شريك فلا آمن عليه أن يقع فيه. وكان الجندي يذهب بهم فقال سفيان الثوري: أريد البراز، فتوارى بالحائط، فإذا سفينة مملوءة بالشَّوك، فقال سفيان للملَّاح: خلف هذا الحائط رجل يريد أن يذبحني، أشار إلى قوله : "من قُلِّد القضاء فكأنما ذبح بغير سكين" (١)، فستره تحت الشوك فلم يجده الجندي.


(١) رواه أبو داود في كتاب "الأقضية"، (١)، رقم: (٣٥٧١)، نحوه؛ والترمذي، في كتاب "الأحكام"، (١)، رقم: (١٣٢٥)، نحوه؛ والحاكم في "المستدرك"، (٤: ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>