للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

الوقائع ويؤلِّفون البدائع، ويفتون في النَّوازل ويجمعون المسائل، فبقي نظام العلم وانتظام أهاليه على أحسن النِّظام، ورقى رواجَه على كرور اللَّيالي ومرور الأيَّام، إلى حين قدَّر الله المهيمن المنَّان على ما قضاه من خروج جِنْكز خان، فوضَعَ السَّيفَ وقتلَ العباد، وخرَّب العامر وأهلك البلاد، ومشى عليهم مشي الموسى على الشَّعر، وسعى عليهم سعي الدَّبَى على الزَّرع الأخضر، وقَدِمَ خُوَارِزْم وأعارها، وقتل سلطانها محمَّد بن خُوَارِزْم شاه وأبادها، وهدم أركانها، وخرَّب بنيانها، والشَّيخ أبو الجَنَّاب نجم الدِّين الكُبْرَى، رُزِق بالشَّهادة في هذه الوقعة (١) العُظمى، بِيَدِ هذه الفئة الكافرة الفاجرة الطاغية، في سنة ستِّ عشرة وستِّمئة، يشير إليه العارف الرَّبانيُّ والعالم الصَّمدانيُّ المولى جلال الدِّين الرُّومي في ذكر انتسابه به (حيث قال هذه الأبيات منشدًا) (٢):

ما ازآن محتشمانيم كه ساغر كيرند … نه ازآن مفلسكان كه بزلاغر كيرند

به يكي دست مي خالص ايمان نوشند … بيكي دست دكر برجم كافر كيرند

فكانَ ما كان في القُرى والأمصار من قضاء الله العزيز القهَّار، فإنَّ الله تصريفًا في عباده، لا بدَّ أنْ ينفدَ (٣) فيهم سهمُ مرادِه، ولا مفرَّ من القضاء ولا محيد عمَّا قدَّره اللهُ وقضى:

تبدَّلَتِ الأطوارُ وانحلَّ عقدُها … وزالَ عن أطوارِ الزَّمانِ نِظامُ

وزالَ عن الأيَّام نورٌ ورونقٌ … وطبَّقَ أكنافَ البلادِ ظلامُ


(١) ع: الواقعة.
(٢) ساقطة من: ض، أ.
(٣) ع: ينفذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>