أحدهما: أنَّ النَّاس كانوا في ذلك الزَّمان فريقَيْن؛ فريقًا منهم لا يصلِّي الجمعة، لأنه كان لا يرى الجائر سلطانًا، وسُلطانهم يومئذ كان جائرًا، وإنما كانوا لا يصلون الجمعة لأجل ذلك. وكان فريق منهم يترك الجمعة لأنَّ السُّلطان كان يؤخِّر الجمعة عن وقتها في ذلك الزمان، فكانوا يؤدُّون الظُّهر في بيوتهم، ثم يصلُّونها مع الإمام، ويجعلونها سبحة أي نافلة.
وقال بعضهم: ما دام الخطيب في حمد الله والثَّناء عليه والمواعظ فعليهم الاستماع، فإذا أخذ في مدح الظَّلمة والثَّناء عليهم فلا بأس بالكلام حينئذ.
وفي "البدائع": البعيد من الخطيب إذا لم يسمع الخطبة كيف يصنع؟ اختلف المشايخ فيه، قال محمَّد بن سلَمة البَلْخِي: الإنصات أولى من قراءة القرآن، وهكذا روى المعلَّى عن أبي يوسف، وهو اختيار الشَّيخ الإمام أبي بكر محمَّد بن الفضل، ووجهه ما روي عن عمر وعُثمان ﵄ أنهما قالا: إنَّ أجر المنصت الذي لا يسمع مثل أجر المُنصت الذي يسمع، ولأن في حال قربه من الإمام كان مأمورًا بشيئين: الاستماع والإنصات، وهو عاجز عن الاستماع، قادر على الإنصات فيجب عليه.
وعن نصير بن يحيى: أنّه أجاز له قراءة القرآن سرًّا، وكان الحكم بن زهير من أصحابنا ينظر في كتب الفقه. إلى هُنا من "البدائع".
وفي "المعارف"(ص: ٤٦٤): مات إبراهيم النَّخَعي في سنة ست وتسعين، وهو ابن ست وأربعين سنة، وصلَّى عليه عبد الرَّحمن بن الأسود، ابن خاله.