للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فهبَّ له نسيم التَّوفيق، ودلَّه على سواء الطَّريق، وترك بضاعته وجميع ما ملكه في سفره ببلدة أدْرَنة، وساح في البلاد بالعجم والعرب ومصر والشام وبغداد، وسار أقطار الأرض وأقاصيها، ووصل إلى خدمة المشايخ، وحلَّ محالَّ القَبول عندهم، وأخذ عنهم العلم الرَّباني، واشتغل في الطريقة بالرياضيات القويَّة والأعمال الشَّاقة، واجتهد غاية الاجتهاد، فوصل إلى خدمة أبي الوفاء المذكور آنفًا، واختلى عنده خلوات.

سمعت أنّه كان لا يأكل في خلوة الأربعين (إلا قرصين أو قرصًا واحدًا، وباقي الأقراص تبقى على ما كان في الخلوة، ويأخذه الخادم بعد الأربعين) (١).

وسمعت عنه يحكي عن زمان سلوكه قال: وقع لي أنس مع السِّباع في نواحي بغداد، وكانوا يبيتون عندي في البوادي، ويترددون معي إلى قريب بغداد، ويتوقَّفون إلى رجوعي، ثم يجيئون معي إلى موضع (٢) أبيت فيه (٣).

غاب في الترك والتجريد والسياحة تسع سنين، ولم يُسمع خبره، ثم بعد تسع سنين جاء إلى بلدة كَفَه مُرشدًا كاملًا وشيخًا مكمَّلًا، فظهرت منه كرامات عيانية، فشاهدناها وشاهدها أهالي البلدة (٤) ذكيها، وغبيها، فكان قدومه بركة عامة، وصحبته سعادة تامة.

ومن كراماته أنّه كان متأهلًا، وله أهل وعيال في بلدة كَفَه، وكان بينه وبين أبي رحمهما الله تعالى محبَّة أكيدة (وألفة شديدة) (٥)، وكنت بمنزلة ابنه عنده وكان داره في جوار دارنا ببلدة كَفَه، وكان يسافر ويتَّجر كلَّ سنة.


(١) ساقطة من: ع.
(٢) ع: بيت.
(٣) ساقطة من: أ.
(٤) ع: البلاد.
(٥) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>