للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يحكى أنَّه كان كثيرًا ما يذكر في مجلسه، ويراجع إليه، ويستمد من روحه في أكثر مهامه، وعنعنة المخدومي الأعظم ذكرت قبيل هذا، وكان شيخ ذكره وتلقينه وخرقته (١) رجلًا واحدًا وهو المخدومي الأعظم، وقد يكون شيخ الخرقة غير شيخ الذِّكر، وسيعاد إن شاء الله تعالى في ذكر خليفته شيخنا وملاذنا المرحوم الشَّيخ محمَّد، الفركندي أصلًا، والسَّمَرْقندي منتسبًا.

قدم الشَّيخ عبد اللطيف المخدومي الجامي المذكور مدينة قسطنطينية في جوار الستين وتسعمئة مريدًا الحج، فمال إلى صحبته كاسر الأكاسرة، وقهرمان القروم سلطان العرب والعجم والروم، السُّلطان سليمان خان المغفور المرحوم، وتلقَّن عنه الذِّكر وأدب الطريقة، ووصل ببركة صحبته إلى المطالب العليَّة من علم الحقيقة، فحصلت بينهما علاقة شديدة، ومحبَّة أكيدة، واختلى بإشارته، ونال ما نال في خلوته، ورجع (٢) بعد الحجِّ إلى بلاده، ثم مرة أخرى قدم الروم، ثم رجع فاستشهد قدس الله تعالى روحه في الطريق بيد الكفرة الفجرة.

وكان صاحب كرامات عيانية ومعنوية، وله شهرة تامة في ديارنا وفيما وراء النهر، وكان كثير الموارد، وكان سمحًا سخيًّا، يوزع ما ورد عليه من الهدايا والعطايا على الفقراء والمريدين، ولا يختار شيئًا منها، ظهرت بركات أنفاسه على خلق كثير من العصاة فتابوا إلى الله، (ووصل بسببه خلق كثير إلى الله ﷿) (٣).

وكان كلماته مؤثرة، لو استمع له الصخر لانفلق، والكافر الجحود لآمن وصدق، يصدع القلب القاسي خطابه، ويجمع العظام النَّخرة عتابه، يشتِّت شمل الشياطين ما يقول، ويفتِّت الأكباد ما يجمعه من الحق المقبول.


(١) ع: وتلقينه ثانية.
(٢) ض، أ: رجع.
(٣) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>