للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكان في أثنائها على أسوء حال وضيق المعاش، حتى إنّه كان لم يقدر على لباس الملازمة، والشَّاش، وكان يستعيرها عن رفقائه وإخوانه عند باب القاضي بالعسكر، ويدخل ديوان قاضي العسكر، ويسلِّم عليه بها، ثم يسلِّم ما (استعارها إلى أصحابها) (١)، ويلبس ثياب بذلة عند الباب، (ومضى على حاله هذا مدة مديدة) (٢):

قد يدرك المجد الفتى ورداؤه … خلق وجيبُ قميصِه مرقوع

فاتَّفق أنّ مصطفى آغا طلب معلِّمًا لنفسه، فذكره بعض الأفاضل من المدرِّسين، ومدحه عنده بالفضل والكمال، فمال إليه مصطفى آغا المذكور، وكان له عند السُّلطان سليم خان منزلة عظيمة، فجعله معلِّمًا، وأعطاه نعمة جليلة جزيلة، فوصل عنده إلى عيش رغيد وعزٍّ سعيد وشرف مجيد ولطف مزيد، حتى قيل: إنه نال منصب القضاء بالعسكر المنصور بولاية آناطولي بعد ذلك الزمان في تسع سنين بمثل مقدار ملازمته.

شفع له مصطفى آغا المزبور عند المولى الفاضل مؤيد زاده القاضي بالعسكر المنصور بولاية روم إيلي، فربَّاه أحسن تربية عند السُّلطان سليم خان، وشهد له بالفضيلة، فأعطاه مدرسة أبي الحاج حسن بمدينة قسطنطينية، ثم أعطاه مدرسة الوزير داود باشا، ثم سلطانية بروسا، ثم كان مدرِّسًا بإحدى المدارس الثَّمان، ثم صار قاضيًا بمدينة بروسا، ثم بقسطنطينية، ثم بالعسكر بولاية أناطولي، ودام على ذلك مع قريبه المولى الفاضل محيي الدِّين جلبي مدة كثيرة.

حكي أنهما مكثا في ذلك المنصب أربع عشرة سنة، ثم عزلا عن ذلك في يوم واحد، ونصب مكانهما المولى الفاضل العلامة شيخ الإسلام أبو السعود القاضي


(١) ع: استعاره إلى أربابه.
(٢) ع: وفي المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>