للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكان منقطعًا عن النّاس بالعلم والعبادة، وكان زاهدًا، وربما يستوي عنده الذهب والمدر، وكان ذا عفَّة وصلاح وديانة، وكان حسن الصَّمت، صاحب الأدب، ولم يره أحد حتى غلامه إلا جاثيًا على ركبتيه، ولم يضطجع أبدًا، وكان ينام جالسًا مع كبر سنه.

ومن عادته أنه لم يأمر أحدًا حتى مماليكه بشيء أصلًا، وربما يجد الكوز فارغًا ولا يقول لخادمه: املأه؛ حذرًا من الأمر، وكان يقول: ما صنعه من صنعه إلا للماء.

وكان حسن الشيبة تتلألأ أنوار العلم والعبادة والشرف والسيادة في وجهه الكريم] (١)، وكان طويل القامة، طيب المحاورة، حسن النادرة، (متواضعًا متخشعًا، يبجِّل الصَّغير كما يوفِّر الكبير، وبالجملة العجز عن مدحه.

وقد عمي في آخر عمره مدة، ثم عولج ففتح إحدى عينيه واكتفى بذلك إلى آخر عمره) (٢)، وكان يكتب الخط المليح جدًّا، وكان عنده الكتب المتداولة كلها كبارها وصغارها بخطه الشريف، وكان يجيئ (٣) المسجد (من العشاءين) (٤)، ويصلي الأوقات الخمسة بالجماعة.

قال صاحب "الشقائق": وقد ذهبت إليه في مرض موته، وهو قريب من الاحتضار، ففتح عينه وقال: إنَّ الله تعالى لطيف، لقد شاهدت من كرمه ولطفه ما يعجز عنه الواصف، ثم اشتغل بنفسه، ودعوت له وذهبت. ومات في تلك الليلة، ودفن عند جامع أبي أيوب الأنصاري.


(١) ساقطة من: ع.
(٢) ساقطة من: ع.
(٣) زائدة في ض، أ: في.
(٤) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>