لأجله قطيعًا من الضباء فتركها ولم يرم بسهم، فسئل عن ذلك، فقال: إني رأيت أبي راكبًا على واحد منها، وكان السُّلطان بايزيد يدعوه بلفظ الأب، قال لي: أما نهيتك عن الصيد، فرجع السُّلطان بايزيد خان إلى منزله خائفًا من كلامه.
ونشأ المولى سيدي إبراهيم في حجر والده بعفاف وصلاح، ثم رحل لطلب العلم إلى مدينة بروسا، وقرأ هناك على جدي الإمام الشَّيخ سنان الدين، ولما التحق جدي بخدمة المشايخ الصوفية بقي هناك وهو معتكف بالجامع الكبير بمدينة بروسا.
قال ﵀: وقد تفقدني يومًا الشَّيخ سنان المذكور، وقال: اشتغل بتزكية النفس، وأوصاني بوصايا فوقع لي واقعة، رأيتني في (١) صورة طير أبيض أخضر الجناحين أحمر المنقارين، رأيتني أطير على العرش وعلى الكرسي وعلى السموات السبع، قال: ورأيت شجرة نابتة في الأرض وفروعها في السماء ولها غصن يمتد من المشرق إلى المغرب، قال: فوقفت على ذلك الغصن، ثم جاء الشَّيخ المذكور إلي، فحكيت له الواقعة ولم يعبرها، وقال: دم على الاشتغال.
وبعد أيام وقعت لي نادرة أخرى، رأيتني على حمار يجر زمامه على الأرض، مشدود على الحمار ظرف فيها خمر، وخلفي غلام مليح الوجه، وبيدي طنبور أضرب بها، فاشمأزت نفسي من هذه الواقعة، وحزنت من ذلك حزنا شديدًا عظيمًا.
قال: فجاء إليَّ الشَّيخ بعد أيام، فحكيت له الواقعة وحزني عليها، قال: لا تحزن، هذه الواقعة أحسن من الأولى؛ لأنَّ الخمر صورة الجذبة، والغلام صورة الروح، والطنبور صورة انجذاب إلى عالم القدس، إلا أنه لم يكن زمام الحمار بيدك، لا تقتدي أنت بأحد أصلًا، واشتغل بعد ذلك بالعلم ثم كفَّ.