للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مات الشَّيخ تاج الدِّين في شهر صفر سنة اثنتين وسبعين وثمانمئة، ودفن عند شيخه عبد اللطيف تحت قبة مبنية عند زاويته بالمدينة المزبورة، يزار ويتبرك به، وقال المؤرخ في تاريخه:

انتقل الشَّيخ وتاريخه … قدسك الله بسر رفيع

ومن أعزة خلفائه الشَّيخ العارف بالله عبد الله المشهور بجامع خليفة، والشَّيخ سنان الدِّين القروي، والشَّيخ سليمان خليفة، وكان أصل الشَّيخ عبد الله حاج خليفة من ولاية قسطموني، وكان كاملًا في العلوم الظاهرة، قد بلغ رتبة الكمال، ثم اتصل إلى خدمة الشَّيخ تاج الدِّين المذكور، وحصَّل عنده الطريقة وانكشف له المراتب العالية، حتى أجازه بالإرشاد، وأقامه مقامه بعد وفاته.

وكان قدس سره جامعًا للعلوم والمعارف كلها، وكان متواضعًا متخشعًا صاحب أخلاق (حميدة، وآثار سعيدة) (١)، وكان له يد طولى في تعبير، الواقعات وكان مظهرًا للخيرات والبركات، وصاحب عزٍّ وكرامات.

من جملة أحواله الشريفة ما حكي أنّ المولى الفاضل علاء الدِّين الفَنَاري بعد عزله عن قضاء العسكر مال إلى التصوف وأراد أن يختلي خلوات عند الحاج خليفة، فقال الشَّيخ النهاية تابع للبداية، فمن سلك مسلك التصوف يقطع جميع العوائق ويكون سلوكه على ذلك في النهاية، ولكن يجوز أن يسلك على الاعتدال، ولا يلزم على المريد أن يعتقد في شيخه الولاية والكرامة، بل يكفي له أن يعتقده سالكًا طريق الحق، وواصلًا إليه، وجاريًا على منهاج الشَّريعة.

ثم قال: "وكان رسول الله إذا أراد أن ينظر إلى شيء كان لا يلوي عنقه


(١) ع: حسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>