للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الموضع وقال للشيخ: إني أصدقك، ولكن التمس منك أن تعين لي علامة أراها بعيني ويطمئن بذلك قلبي، فتوجه الشَّيخ ساعة، ثم قال احفروا هذا الموضع من جانب الرأس مقدار ذراعين يظهر لكم رخام عليه خط عبراني، تفسيره هذا، وقرر الكلام، فلما حفر مقدار ذراعين ظهر رخام عليه خط عبراني، فقرأه من يعرفه وفسَّره، فإذا هو ما قرره الشَّيخ.

فتحير السُّلطان محمَّد وغلب عليه الحال حتى كاد أن يسقط لولا أن أخذوه، ثم أمر ببناء القبة على ذلك الموضع، وأمر ببناء الجامع والحجرات، والتمس أن يجلس فيه الشَّيخ مع مريديه فلم يفعل، واستأذن أن يرجع إلى وطنه فأذن له السُّلطان تطبيبًا لخاطره.

ولما عبر البحر قال لأكبر أولاده الشَّيخ سعد الله: لما جاوزت البحر امتلأ قلبي نورًا، وقد فسد لها ما بي بقسطنطينية من ظلمة الكفر فيها، ولما سار ساعة لقيه رجل من أجلاف بلاد الروم وتحته فرس نفيس يميل إليه قلب كل أحد، فذهب الرجل ولم يلتفت إلى الشَّيخ ولم يسلِّم عليه، ولم يذهب إلا قليلًا (حتى رجع ونزل عن فرسه) (١) وقال للشيخ: وهبتك هذا الفرس، فأشار الشَّيخ إلى ابنه، فنَزل عن فرسه وأعطاه لذلك الرجل، وركب هو فرس الرجل، ثم سأله ابن الشَّيخ هذا الأمر، فقال: لو كان لرجل كريم عبد وكان في طاعته واستدعا منه يومًا شيئًا حقيرًا هل يمنعه منه؟ قال ابنه: لا، قال الشَّيخ: وأنا منذ ثلاثين سنة لم أخرج عن طاعة الله تعالى فلمَّا مال قلبي إلى هذا الفرس ألهم الله تعالى ذلك الرجل حتى وهبه لي.

ثم انتهى الشَّيخ إلى وطنه وهو قصبة كونيك، وقعد هناك زمانًا، ثم مات ودفن فيها، يزار ويتبرك به، والآن عليه جامع وزاوية.


(١) ع: حتى نزل عن فرسه ورجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>