للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والخامس: ما يشك فيه شرعًا أو عقلًا، والمشكوك إما بمعنى استواء الطرفين، أو بمعنى عدم الانتفاع والجواز الشرعي من هذه المعاني هو الإباحة.

إلى هنا من كلام المولى القِرِيمي.

واعلم أن (١) الجواز في عرف المعقوليين يستعمل بمعنى الإمكان الذاتي، وقد يستعمل بمعنى الاحتمال العقلي، وقد وصَّى الشَّيخ ابن سينا في "شفائه" بالمحافظة على التمييز بينهما، وأشار إلى أنّه ينشأ من عدم التمييز خلل كثير.

حكي أنّ المولى القِرِيمي لقي السُّلطان محمَّد خان يومًا وقد خرج من قسطنطينية متوجِّهًا إلى أَدْرَنة، فسأله السُّلطان عن أحوال مدينة قريم، فقال: كنا نسمع أنّ بها ستمئة مفتٍّ وثلاثمئة مصنِّف، وأنها بلدة عظيمة مشحونة بالعلم والصلاح، قال المولى القِرِيمي: وقد أدركت أواخر (٢) ذلك النظام، قال السُّلطان: وما كان سبب خرابها؟ قال: حدث هناك وزير أهان العلماء فتفرَّقوا، والعلماء بمنْزلة القلب من المدينة، وإذا عرضت آفة إلى القلب يسري الفساد إلى سائر البدن، فقال السُّلطان محمَّد: ادعُ لي محمودًا، وأراد الوزير محمود باشا.

فأتى فحكى له السُّلطان محمَّد ما قال المولى المزبور، وقال: قد ظهر منه أنّ خراب الملك من الوزراء، قال الوزير محمود باشا: لا بد من السُّلطان، قال: لِمَ؟ قال: لأي شيء استوزر (مثل هذا الرجل) (٣)، فقال السُّلطان: صدقت.

مات المولى القِرِيمي في أوائل دولة السُّلطان محمَّد بمدينة قسطنطينية، ودفن بها، يزار قبره ويتبرَّك به، ويستجاب عنده الدعاء.


(١) ساقطة من: أ، ض.
(٢) ع: آخر.
(٣) ع: هذا مثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>