وأستاذي، مولانا الأعظم، سلطان علماء العالم، لأجل حفظي "كتاب وقاية الرواية في مسائل الهداية"، وهو كتاب لم تكتحل عين الزمان بثانيه، في وجازة ألفاظه، مع ضبط معانيه، لكن قصرت همة أهل الزمان عن حفظه، فاتخذت هذا المختصر مشتملًا على ما لا بد منه، فمن أحب ضبط مسائل "الهداية" فعليه بحفظ "الوقاية"، ومن أعجله الوقت فليصرف إلى المختصر عنان العناية، إنّه ولي الهداية.
وهو البحر الزاخر، والحبر الفاخر، الأصولي صاحب الفنون، ألَّف في أصول الفقه متنًا سمَّاه "التنقيح"، ثم صنف شرحًا نفيسًا سمَّاه "التوضيح في حل غوامض التنقيح"، وله "المقدمات الأربعة"، و"تعديل العلوم"، وله "الشروط"، و "المحاضر" رتبها على ترتيب كتب الفقه وأبوابه.
مات ﵀ سنة سبع وأربعين وسبعمئة، ومرقده ومرقد والديه وأولاده وأجداد والديه كلهم في شرع آباد بخارى؛ وأما جده أبو والده تاج الشَّريعة وأبو والدته برهان الشَّريعة فإنهما ماتا في كَرْمان، ودفنا فيها، تغمدهم الله برحمته، كذا ذكره عبد الباقي الخطيب بمدينة رسول الله الذي يرفع نسبه إلى القاضي الإمام فخر الدِّين قاضي خان، وقد اشتهر بقاضي خان زاده بالمدينة خطيبًا بمسجد الرَّسول ﷺ.
تفقَّه عليه بقية أعلام الهدى، الشَّيخ حافظ الحقِّ والدِّين، أبي طاهر محمَّد بن الحسن بن علي الظاهري، ووقع الإجازة من الإمام العلامة صدر الشَّريعة للشيخ أبي طاهر في بخارى، في ذي القعدة، سنة خمس وأربعين وسبعمئة، وأخذ الفقه عن الشَّيخ أبي طاهر، صاحب "فصل الخطاب" الشَّيخ محمَّد بن محمَّد بن محمَّد البُخاري الحافظي، المشتهر بخواجه محمَّد بارسا، ووقع له منه الإجازة في أواخر شعبان، سنة ست وسبعين وسبعمئة في بخارى، ذكره صاحب "الشقائق النعمانية" في الطبقة السادسة في ذكر المولى إلياس بن يحيى الرُّومي.