للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لرسول الله فتتبعْ القرآن فاجمعْه. قال زيد: فوالله لو كلفوني لنقل جبل من الجبال ما كان أثقلَ عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن. قلْتُ: كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله ؟ فلم يزل أبو بكر يُراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبَّعت القرآن أجمعه من العُسُبِ، واللِّخاف، وصدور الرِّجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خُزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره، ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ. . .﴾ [التوبة: ١٢٨] حتى خاتمة براءة، فكانت الصُّحف عند أبي بكر [حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياتَه] (١)، ثم عند حفصة بنت عمر (٢).

وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرَّحمن بن حاطب، قال: قدم عمر فقال: من كان تلقّى من رسول الله شيئًا من القرآن فليأتِ به، وكانوا يكتبون في المصحف والألواح، والعُسُب، وكان لا يقبل من أحدٍ شيئًا حتى يشهد شهيدان (٣).

وهذا يدل على أن زيدًا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبًا حتى يشهد به من تلقَّاه سماعًا، مع كون زيد كان يحفظ القرآن جميعًا في حياة النبيِّ ، فكان يفعل ذلك مُبالغة في الاحتياط.

قال ابن حجر: كأن المراد بشاهدين: الحفظ والكتاب، وقال علم الدِّين السَّخاوي في "جمال القرَّاء": المراد أنَّهما يشهدان على أنَّ ذلك المكتوب كُتِبَ بين يدي رسول الله ، أو المراد أنّهما يشهدان على أنَّ ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن.


(١) ما بين معكوفتين من "صحيح البخاري".
(٢) رواه البخاري (٤٩٨٦).
(٣) رواه ابن أبي داود في "المصاحف" (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>