للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفيه في باب أصول الفقه، في باب أبي الفضل الكَرْماني قال: سألته عما ذكر في الكتب: كل مجتهد مصيب والحق عند الله واحد، كيف يكون كل مجتهد مصيبًا؟ وإنّما يكون مصيبًا أن لو كان ما ذهب هو إليه وأدى اجتهاده إليه كان حقًّا، وإذا كان كل ذلك حقًّا لا يكون الحق واحدًا، فإنّ أبا حنيفة يقول في شيء باجتهاده أنّه الحق، وآخر يقول باجتهاده أنّ الحق غيره، أو قال أحدهما: يجوز، والآخر قال: لا يجوز، وهما شيئان متناقضان، فكيف يكونان حقًّا؟ وكيف يقال بأن الحق واحد؟ فيكون في طرفي نقيض.

قال: إنَّ قولهم: كل مجتهد مصيب معناه: أنّه مصيب في اجتهاده يستحق الثواب فيما اجتهد لطلب الحق، فإنهم مأمورون بالاجتهاد، فكان اشتغالهم بالاجتهاد إقامة لأمر الشرع به، فلم يكن مشغولًا بما لا يجوز الاشتغال به ليستحق العقاب، بل هو في الاجتهاد وطلب الحق إمامًا أدى إليه اجتهاد كل واحد، فإنّه لا يتصوَّر أن يكون كلاهما حقًّا فإنّ الحق واحد.

وقد قالوا في نظيره: إنَّه لو انفلتت فرس السُّلطان فأمر السُّلطان أتراكه ليطلبوه، فخرج كل قوم في طريق فإنّ الكل ممتثلون أمر السُّلطان، قائمون به، مصيبون بالخروج بهذه الطريقة، أما لا يصيب الفرس إلا واحد منهم، والكل مستوجبون للمحمدة في اجتهادهم لطلب الفرس، أما الذي أصاب الفرس فإنّه يستحق المحمدة والأجر.

كذلك هاهنا، ولهذا قالوا: من أصاب فله أجران، ومن لم يصب فله أجر واحد، وهو الذي يأتي بالاجتهاد المأمور به، والثاني أصاب فله أجر اجتهاده وأجر إظهار الحق إلى يوم القيامة، وقد مر في ذكر زفر بن الهذيل في الكتيبة الأولى مسائل متعلقة بهذا المحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>