للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ليس بدليل قطعي على كون اليمين لغوًا، فلهذا لم يقطع القول بعدم المؤاخذة.

وأما اليمين بغيره فهي تعليق جزاء بشرط كالحلف بالطلاق والعتاق فما يكون على أمر في المستقبل فهو تعليق، وما يكون على أمر في الماضي والأمر بخلافه فهو تنجيز؛ لأن التعليق بالشيء المتحقق تنجيز وتحقيق كما أنّ التعليق بشيء مستحيل الكون إعدام وتمحيق، وإنّما التعليق يتحقق بشيء معدوم مترقب الوجود سواء كان يعلم خلاف ذلك أو لا يعلم، وكذلك الحلف بالنذر.

وفيه في باب الحلف على أكل اللحم: ولو حلف لا يأكل رأسًا، فهذا على رؤوس البقر والغنم عند أبي حنيفة، وعند صاحبيه على رؤوس الغنم، وهذا اختلاف عرف وزمان؛ فإنّ في زمن أبي حنيفة رحمه الله تعالى كان يباع النوعان من الأرؤس في السوق وتؤكل، وفي زمنهما ما كان يباع إلا رأس الغنم في السوق، فأفتى كل واحد بحسب ما عاين في زمانه.

وفيه في كتاب الإجارة: ولو استأجر حمالًا ليحمل عليه خمرًا، فله الأجر في قول أبي حنيفة، وقالا: لا أجر له؛ لأن حملها معصية، قلنا: المعصية في شربها لا في حملها، ولو كان في حملها إنّما يكون أن لو تعين سببًا للشرب، ولم يتعين؛ لأنّه يقبل الفصل فيه فلا يكون معصية.

وقال محمد: ابتلينا بمسألة ميت مات من المشركين، فاستأجروا له من يحمله إلى بلدة أخرى بخلاف حمله إلى المقبرة، حيث يجب الأجر؛ لأن الحاجة ماسة لدفع الأذى، وقلت أنا: إن كان الحمال يعلم أنّه جيفة فلا أجر له، وإن لم يعلم فله الأجر؛ لأن بحمله إلى المقبرة يستحق الأجر، فلو لم يستحق هاهنا إنّما لا يستحق لكونه معصية، وأنها لا تتحقق بدون العلم، ويكره للمسلم أن يؤاجر نفسه من كافر

<<  <  ج: ص:  >  >>