أعشارها مجلد هذا الكتاب حكي أنّ الشَّيخ عبد الرَّحمن الطفسونجي قال يومًا في مجلسه العامّ وهو على المنبر: أنا بين الأولياء كالكركي بين الطيور، أطولهم عنقًا، [وكان في مجلسه الشَّيخ علي بن أحمد من أصحاب الشَّيخ عبد القادر حاضرًا يسمع قوله، فعارضه في كلامه هذا، وبعد ما تشاجر بينهما الكلام قال الطفسونجي: فقال قطب المشايخ عبد القادر: قال الطفسونجي: قد كنت في دركات القدرة، وما رأيت عبد القادر فيها.
فأرسل جماعة من أصحابه إلى الشَّيخ عبد القادر وأوصاهم أن يقولوا له: إنّ عبد الرَّحمن الطفسونجي يقرئ عليك السَّلام، ويقول: إني كنت أدخل وأخرج من دركات باب (١) القدرة منذ أربعين سنة وما رأيته فيها قط، وحين أرسلهم الطفسونجي إلى بغداد أشار الشَّيخ عبد القادر إلى جماعة من أصحابه، وقال لهم: قوموا واستقبلوا أصحاب الطفسونجي أرسلهم يسألوني وقولوا لهم: ارجعوا فإن شيخنا عبد القادر يقرئ على شيخكم السلام، ويقول: أنت في الدَّركات، ومن في الدَّركات لا يرى من في الحضرة، ومن هو في الحضرة لا يرى من في المخدع، وأنا في المخدع أدخل وأخرج من باب السرِّ من حيث لا تراني، بأمارة إن خرجت لك الخلعة الفلانية في الوقت الفلاني على يدي خرجت لك وهي خلعة الرضاء، وبأمارة خروج التشريف الفلاني في الليلة الفلانية لك على يدي خرج لك هو تشريف الفتح، وبأمارة أن أخلع عليك في الدركات بمحضر من اثنى عشر ألف ولي لله تعالى خلعة الولاية، وهي فرجية خضراء طرازها سورة الإخلاص على يدي خرجت.