للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يثبت من الزوج إلا أن تجيء به لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق، وكل امرأة وجبت عليها العدة فنسبة ولدها يثبت إلى سنتين ولا يثبت لأكثر من ذلك، وهذا قول أصحابنا الثلاثة.

وقال زفر: لا يثبت النسب في مسألتنا هذه؛ لأنَّه لم يكن بين الطلاق والنكاح مقدار ما يمكنه أن يقربها، وبه قال محمَّد أولًا، ثم رجع عنه وقال: يثبت النسب منه؛ لأنَّه لو تزوجها وهو على بطنها فعلقت من ساعته ثبت النسب، وإذا كان له وجه يثبت النسب لا يجوز أن يقطع، وأما قول أصحابنا النسب يثبت.

والأصل في ذلك أن إمكان الوطء غير معتبر في ثبوت النسب، بل الاعتبار بالفراش، ولذلك قلنا: إذا تزوجها وبينهما مسافة بعيدة لا يصل إليها في مدة ستة أشهر، وخالف الشَّافعي في ذلك، واعتبر في ثبوت النسب إمكان الوطء، لنا قوله "الولد للفراش" (١)، وهذه عبارة عند العرب عن الزوج والمرأة، وقد وجد ذلك فيثبت النسب إن لم يعتبر إمكان الوطء، وإنما اعتبر الزوجية.

والذي يبيِّن ذلك: أن الأمة إذا ولدت لم يثبت نسبه وإن كان الوطء ممكنًا، وكذلك لا يثبت به نسب ولد الزنا لعدم الزوجية والفراش، وقد ذكر جد والدي قاضي القضاة العالم أبو القاسم علي بن بُنْدار في شرح هذا الكتاب: إني سمعت القاضي أبا جعفر النَّسَفِي يحكي عن الشَّيخ أبي بكر، عن ابن عُمَر غلام ثعلب، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي أنه قال: الفراش: الزوج عند العرب، واحتج بقول الشاعر:

باتت تعانقه وبات فراشها (٢)


(١) رواه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم (١٤٥٧)، من حديث عائشة .
(٢) صدر بيت لجرير، وعجزه:
خلق العباءة في الدماء قتيل

<<  <  ج: ص:  >  >>