للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكان من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر، وله التمسك العظيم بالكتاب والسنة، وكان شافعي المذهب، ذكره تقي الدِّين السُّبْكي في "طبقات الشَّافعية" (١).

ونقل عن الحافظ أبي نعيم: كان شيخ الوقت حالًا وعلمًا، بلغ ما لم يبلغه أحد من الخلق في العلم والجاه عند الخاص والعام، وصنَّف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وعمر حتى عم نفعه، سافر مشرقًا ومغربًا، وصحب كبارًا من أصحاب (٢) أحوال الأقوال، ولقي الشيوخ والنساك والسادة والسلاك.

روي عن أبي عبد الله بن (٣) خفيف أنه قال: سألنا يومًا القاضي أبو العبَّاس ابن شريح: وكنا نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال: محبَّة الله فرض أو غير فرض؟ قلنا: فرض، قال: ما الدلالة على ذلك؟ فقرأت قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٢٤]، فتوعدهم الله تعالى على تفضيل محبتهم لغيره على محبَّته ومحبَّة رسوله، والتَّوعد لا يقع إلا عن فرض، قلْتُ: ومثل هذا الدَّليل في الدلالة على محبة النَّبي قوله : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله وولده والناس أجمعين" (٤).

وكان أبو عبد الله ابن خفيف يحكي: أنَّ شيخي أبا طالب خزرج مرض بعلَّة البطن، فامتد أسبوعين، وكان يختلف في ليلة إلى المتوضأ سبع عشرة مرة وأكثر،


(١) أ: الشافعي.
(٢) زيادة من ع.
(٣) ساقطة من: ع.
(٤) السُّبْكي، "طبقات الشَّافعية" (٣/ ٤٣ - ٤٤)، والحديث رواه البخاري (١٥)، ومسلم (٤٤)، من حديث أنس .

<<  <  ج: ص:  >  >>