للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعن هذه المسألة استخرجوا الإجارة الطويلة الموسومة ببخارى، وجعلوا أجر السنين المتقدمة شيئًا فشيئًا، وجعلوا معظم الأجر للسنة الأخيرة.

وحكي أنّ في الابتداء كانوا يكتبون بيع المعاملة، فلما كان في زمن الفقيه محمَّد بن إبراهيم المَيْداني كره ذلك لمكان شبهة الربا، وأحدث هذا النوع من هذه الإجارة ليصل الناس إلى الاسترباح (١) بأموالهم، فيحصل لهم منفعة الدار والأرض مع الأمن عن ذهاب شيء مقصود من المال، فجعل المال بمقابلة السنين المتقدمة شيئًا قليلًا من الأجر (٢)، وجعل بقية المال بمقابلة السنة الأخيرة، واستثنى ثلاثة أيام من آخر كل سنة، وشرط الخيار لكل واحد منهما في هذه الأيام الثلاثة.

وقد أخبرني من أثق به أني وجدت الإجارة الطويلة الموسومة في فتاوى قديمة مروية عن محمَّد، برواية الشَّيخ الإمام أبي حفص الكبير، وإنما شرطا الخيار لكل واحد منهما ليتمكن كل واحد منهما من الفسخ، فيصل إلى أصل ماله بواسطة الفسخ، وإنما استثنى ثلاثة أيام من آخر كل سنة حتى يشترط الخيار في هذه الأيام المستثناة، فيكون شرط الخيار في غير الأيام الداخلة في العقد، ولو كان شرط الخيار في الأيام الداخلة يزيد (٣) الخيار على ثلاثة أيام في العقد، وإنه يفسد العقد عند أبي حنيفة .

وكان الشَّيخ الإمام أبو بكر محمَّد بن الفضل البُخاري يفتي بجواز هذه الإجارة، وكذا من بعده من أئمة بخارى إلى يومنا هذا، وكان الزُّهاد من مشايخنا كالشَّيخ الإمام أبي بكر ابن حامد والشَّيخ أبي حفص السَّفْكَرْدَرِي وأمثالهما لا يفتون بجواز هذه الإجارة.


(١) أ: الانشراح.
(٢) أ: الأجرة.
(٣) ض: يريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>