للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نفر من رفقائه، فخرج المضارب مع اثنين منهم، وبقي الرابع في الحجرة، ثم خرج الرابع، وترك الباب غير مغلق، فهلَك مال المضاربة، قالوا: إن كان الرابع يُعتمد عليه في حفظ المتاع لا يضمن المضارب ويضمن الرابع، وإن كان لا يُعتمد عليه يضمن المضارب، وهو نظير ما قال محمَّد بن سلمة في أهل السوق: إذا قاموا واحدًا بعد واحد، وتركوا السوق، فضاع شيء من السوق، يضمن الأخير منهم؛ لأنَّهم ائتمنوه.

وفيه في فصل براءة الغاصب من كتاب الغصب نقلًا عن "النوازل": رجل له على رجل دين، وهو لا يعلم بجميع ذلك، فقال له المديون: أبرئني مما (١) لك عليَّ، فقال الدائن: أبرأتك، قال نصير: لا يبرأ إلا مقدار (٢) ما يتوهم أنه له عليه، وقال محمَّد ابن سلمة: يبرأ عن الكل، قال أبو الليث: حكم القضاء ما قاله محمَّد بن سلمة، وحكم الآخرة ما قاله نصير؛ لأنّ القضاء بناء على الظاهر، فظاهر اللفظ عام، وحكم الآخرة بناء على الرضا، فلا يبرأ عما لا يقوم أنه له.

وفي "تهذيب الإمام جمال الدِّين المطهَّر البَزْدَوي" في "شرح الجامع الصغير" للزعفراني: فأما إذا حلف أن لا يذهب إلى مكة، فإنَّه لم يثبت عن أصحابنا المتقدمين نص، واختلف المتأخرون في ذلك، فقال بعضهم -منهم نصير بن يحيى-: إنه بمنزلة الإتيان، وقال بعضهم: بمنزلة الخروج، وهو اختيار محمَّد بن سَلمة، وقد استعمل في الأمرين، قال الله تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٤٣] وذلك بمعنى الإتيان، وقال تعالى: ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا (٣) … ﴾ [الشعراء: ١٥ - ١٦]، وذلك بمعنى الإقبال عليه.


(١) ض، أ: (من ما).
(٢) ع: مقدام.
(٣) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>