للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولَّاه الرشيد قضاء بغداد بالشرقية، فعدل في حكمه، جاء إليه المرزبان، وكان وكيل زبيدة لِدَيْن توجَّه لواحد من المسلمين وجلس، فأقامه حفص، وسوَّى مع الخصمين فشكى إلى زبيدة فألحَّت زبيدة على الرشيد حتى عزله، وولّى أبا يوسف مكانه، فجمع لأبي يوسف قضاء الجانب الغربي والجانب الشرقي ببغداد.

ثم ولّاه الكوفة، فمكث بها ثلاث عشرة سنة، ولما حضرته الوفاة أغمي عليه، قال ابنه: فبكيت على رأسه فأفاق وقال: ما يبكيك؟ فقلت لفراقك، وعلى ما كنت عليه من هذا الأمر، يعني القضاء، فقال: لا تبك، فإني ما حللت تكَّة (١) سروالي (٢) على حرامٍ قط، ولا تقدَّم إليَّ خصمان فباليت على من توجَّه عليه الحكم منهما.

وعن محمَّد بن حميد، قال: أُتى بعبد الله بن إدريس، ووكيع، وحفص إلى الرشيد ليوليهم القضاء، فلما دخل ابن إدريس قال: السَّلام عليكم، وطرح نفسه كأنه مفلوج، قال الرشيد: لا فضل في هذا، وأما وكيع (فرفع إصبعه ووضع) (٣) على عينيه وقال: ما أبصرت منذ سنة بهذا، وأراد إصبعه، فأعفاه؟ وأما حفص فقال: لولا دين وعيال ما وليت، قال: ما وليت القضاء حتى حلَّت لي الميتة.

ويوم مات لم يخلِّف درهمًا (وترك تسعمئة درهم دينًا) (٤)، وكان يقال: ختم به القضاء، وتوفي سنة أربع وتسعين ومئة، وجعل مكانه الحسن بن زياد اللؤلؤي.

وعن بشر بن الوليد: ولي حفص القضاء من غير مشورة أبي يوسف، قال: فاشتد عليه فقال لي وللحسن بن زياد: تتبَّعا قضاياه، فلما نظرا فيها وأخبرا أبا يوسف قال:


(١) ع: دكة.
(٢) أ: لباسي.
(٣) ع: (فوضع إصبعه).
(٤) ع: (ولا دينارًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>