وعن سفيان الثوري سئل عن هذا؟ فقال: هو مال غيره فليستأذنه، قال الفقيه أبو الليث: إن استأذنه فحسن، وإن لم يستأذنه ولكنه يعلم أنّه يريد أن يستمد من محبرته، فإن لم يأذن له ولم ينهه فلا بأس، ولو أنّه استمد منه من غير أن يتكلَّم ولا أشار إليه بشيء فلا أحبُّ له ذلك، إلا أن يكون بينهما انبساط فلا بأس به. إلى هنا من "قاضي خان".
وفي الباب الثالث والسبعين من "روضة الزَّنْدَوِيْستي": سمعت الفقيه الزاهد إبراهيم بن إسحاق يقول: إنّ مالك بن دينار نزل عند عبد الله بن المبارك، فأضافه ضيافة حسنة، فلما رأى الذهاب قال له عبد الله بن المبارك: يا شيخ هل رأيت فيَّ عيبًا؟ قال: نعم، ثلاثة؛ أولها: أنك تجلس على بساط من (١) ديباج، الثاني: رأيت كوة دارك منقشة، والثالث: قدمت إلينا مائدة فيها ألوان الأطعمة مثل طعام الملوك والجبابرة، وكان يكفينا القليل.
فقال عبد الله: إنّ هذه الدار ورثتها من أبي، وما نظرت إلى كوَّتها قط، فلا أعلم ما في الكوَّة، وأما الفراش فهي لأختي لا أريد أن أوذيها بترك الجلوس عليها، وأما الأطعمة فوالله لو كان لي الدنيا كلها وجعلتها لقمة وأدخلتها في فم الضيف الذي نزل بي من غير دعوة لكان أحبَّ إليّ من ألف رقبة أعتقها في سبيل الله تعالى، فأحسن كلامه مالك بن دينار، ودعا له بالبركة.