تسأل عنِّي ولا عنه، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنَّ إياس بن معاوية أفقه منِّي، وأعلم منِّي بالقضاء، فإن كنْتُ كاذبًا فما عليك أن تولِّيني وأنا كاذب، وإن كنْتُ صادقًا فاقبل قولي، فقال له إياس: إنّك جنْتَ برجلٍ وقفت به على شفير جهنَّم، فنجَّي بنفسه منها بيمين كاذبة، نستغفر الله منها فما نخاف، فقال له عَدي: أما إذا فهمتهما، فأنت لها، فاستقضاه فأجبره، فقبل.
ذكر الخَصَّاف في باب القاضي يقوم على رأسه الجِلْواز (٢: ٨٢): عن خالد الحذاء قال: شهدت إياسًا حين استقضى فجلس ناحية فنكس رأسه والخصوم في ناحية أخرى، وهذا لأنّ إياسًا كان من زُهاد التابعين، ثم أجبر على القضاء، وكان يبكي ندمًا على ما شرع في القضاء خوفًا من أن يُبتلى بالجور، لكن كان لا يبكي بين يدي الخصوم، وإنما يبكي في ناحية والخصوم في ناحية، كي لا يذهب مهابته وحشمة مجلسه، انتهى.
وذكر الخَصَّاف في باب اجتهاد الرأي: روي عن الحسن البصري ﵀ أنَّه دخل على إياس بن معاوية بعدما قُلِّد القضاء، فوجده باكيًا حزينًا، فقال الحسن: ما أصابك؟ فقال: أتفكر في قول علي ﵁ حيث قال: إن اجتهدَ فأخطأ فهو في النَّار، فتلا عليه الحسن قوله تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٨، ٧٩]. وداود ﵇ كان مجتهدًا، وسليمان ﵇ اجتهد وأصاب، وقد مدحهما الله تعالى بقوله: ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾، إنما قال علي ﵁ فيمن لم يكن من أهل الاجتهاد، واجتهد في غير محل الاجتهاد.
وذكر أيضًا في باب المسألة عن الشُّهود عن محمَّد بن عبد الرَّحمن النُّوْفَلي أنّه قال: قلْتُ لإياس بن معاوية: أخبرْتُ أنَّك كنْتَ لا تجيز بشهادة