للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأخر في الحكم لكي تنكشف حقيقة القضية غاية الانكشاف، وكانت تلك القضية معلومة للوزير إبراهيم باشا المقتول، فقال الوزير: يا مولانا هذه صحيحة، وأنا أشهد بها، وليست محل التأخير، فقال: شهادتك غير مقبولة عند الشرع، فاشمأزَّ الوزير قال: ولأي شيء لا تقبل شهادتي؟! قال: لأنك عبد غير معتوق، فقام الوزير، ودخل على السُّلطان، وكانت له منزلة عظيمة عند السُّلطان سليمان خان، فشكى إليه وبكى، وقال: خلدك الله أيها السُّلطان إنّ المولى ابن الفَنَاري هتك عرضي وحرمتي في الديوان العالي، وقال كذا وكذا، وعرض عبيدك الوزراء عرض هذا الجناب العالي، فقال السُّلطان سليمان الغازي عليه الرحمة من الباري: يا إبراهيم هذا أمر مشروع، والمولى المزبور قوَّال بالحقِّ، متصلِّب في الدِّين، لا يداهن أحدًا أبدا، وهذا شأن العلماء الربَّانيين، وأنا أخاف منه، أما أنت فقد أعتقتك اليوم، فاذهب أنت وقل له: أعتقني السُّلطان، تقبل.

فرجع وجاء إلى الديوان العالي (١)، وقال: أيها المولى أعتقني السُّلطان تقبل شهادتي؟ قال لا، قال: ولأي شيء؟ قال: هذا ادعاء، ولا بدَّ من إقرار السُّلطان عندي أو البيِّنة، فدخل المولى المزبور لعرض القضايا على السُّلطان، فأقرَّ بالعتق، وكتب المولى المزبور كتاب عتق ذلك الوزير، وأعطاه في غد اليوم بمحضر الأركان في الديوان العالي، وقال: خذ هذا كتاب عتاقتك، فالآن تقبل شهادتك، وهذا أغرب جرأة من الأول.

فتكدَّر خاطر الوزير بعد هذا على المولى المزبور، والتهب (يفور غيظه) (٢)، وكان يتميز من غيظه، وبعد ذلك قصد الوزير المزبور أن يكافئ المولى العارف المذكور،


(١) ساقطة من: ع.
(٢) ع: غيظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>