للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يومًا ما عند الشَّيخ المذكور، فسأله عن مذهب الجبرية ومذهب أهل الحق، فقال له الشَّيخ: الجبر قسمان: جبر محقَّق، وجبر مقلد، أما الجبر المحقق فهو تفويض جميع أموره إلى الله تعالى وإسقاط اختياره بعد الامتثال للأوامر والاجتناب عن النواهي، وأما الجبر المقلد فهو تفويض أمره إلى هواه واتباع شهوات نفسه وإسقاط إرادته في الأوامر والنواهي، ويتمسك بأنه ليس باختيار وقدرة، بل يجري على ما كتب في الأزل، قال الشَّيخ الحاج خليفة وهذا كفر.

ثم قال: خرج رسول الله يومًا على أصحابه وبيده كتابان، فقال للذي في يمينه هذا كتاب من الله تعالى وفيه أسماء أهل الجنة، وقد أجمل على آخرها [وقال للذي في شماله: "هذا كتاب من الله تعالى وفيه أسماء أهل النار وقد أجمل على آخرها"] (١)، وقالت الصحابة: إذا ندع العمل، قال : "اعملوا فكلُ ميسر لما خلق له (٢)، وقال الشَّيخ أراد رسول الله أنّ لأهل الجنة علامة فمن وجد فيه تلك العلامة فهو من أهلها.

ثم قال ولا بد لك أن تحصل علامة أهل الجنة، كما فعل رسول الله حيث اجتهدوا في العمل ولم يتركوه اعتمادًا على الكتاب، وإذا بلغت مبلغ


(١) ما بين معكوفتين من "الشقائق النعمانية" (ص: ١٤٩).
(٢) أخرجه أحمد (٥٦/ ٢)، الرقم: ٦٢١. روى نحوه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ١٦٨) من حديث عبد الله بن عمرو ، وأصل الحديث أخرجه البخاري (٤٩٤٩)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث علي ، ولفظ مسلم: كان رسول الله ، ذات يوم جالسًا وفي يده عود ينكت به، فرفع رأسه فقال: "ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار قالوا: يا رسول الله فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال: "لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ [الليل: ٥ - ٦]، إلى قوله ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: ١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>