للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أتى بلاد الروم بعدما جمع الفضائل والعلوم، فناظر وباحث الفضلاء (١)، فأعجب الخلق حسن كلامه وتقريره، وفصاحة لسانه وتحريره، فأكرمه السُّلطان مراد، وأعطاه مدرسة أبيه السُّلطان محمَّد خان بمدينة بروسا، وكان المولى خضر بك قبله مدرسًا فيها، وعيَّن له كل يوم خمسين درهمًا.

ثم إنّ السُّلطان محمَّد خان لما فتح مدينة قسطنطينية جعل ثمانية من كنائسها مدارس (٢)، وأعطى واحدة منها للمولى علي الطوسي، وعين له كل يوم مئة درهم، أعطاه قرية هي أقرب القرى من مدينة قسطنطينية، ولقبت تلك القرية بقرية (٣) مدرِّس، وهي الآن مشتهرة بذلك، وواحدة للمولى عبد الكريم، وكذلك عيَّن لكلٍّ من البواقي مدرِّسًا من فضلاء الدهر.

ثم لما بنى المدارس الثمان هناك نقل التدريس منها إليها، والموضع الذي عين للمولى علي الطوسي مشتهر الآن بجامع زِيْرَك، وكان وقتئذ حولها مقدار نحو أربعين من الحجرات يسكن فيها الطلبة.

وفي بعض الأيام أتى السُّلطان محمَّد تلك المدرسة، وأمر بعض الطلبة أن يحضر المولى الطوسي فحضر، فأمره أن يدرِّس عنده، وأن يجلس في مكانه المعتاد، فجلس المولى، وجلس السُّلطان محمَّد خان في ضلعه الأيمن، والوزير محمود باشا قائم، وأحضر الطلبة فقرؤوا عليه حواشي "شرح العضد" للسيد الشريف، فانبسط المولى لحضور السُّلطان في مجلسه، وحل من المشكلات والدقائق ما لا يحصى، ونشر من العلوم والمعارف ما لم تسمعه الآذان، فطرب السُّلطان عند مشاهدة فضائله، حتى


(١) أ: العلماء.
(٢) ض: مدرسة.
(٣) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>