للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ودخل القاهرة، وأخذ عنه الفضلاء والأعيان، وولي مشيخة الشيخونية لما رغب عنها ابن الهمام، وكان إمامًا كبيرًا في المعقولات كلها والكلام وأصول النحو والفقه والتصريف والإعراب والمعاني والبيان والجدل والمنطق والفلسفة والهيئة، بحيث لا يشق أحد غباره في شيء من العلوم، وله اليد الحسنة في الفقه والتفسير، والنظر في علوم الحديث وألَّف فيه.

وأما تصانيفه في العلوم العقلية فلا تحصى، بحيث إني سألته فيها أن يسميها جميعًا لأكتبها في ترجمته فقال: لا أقدر على ذلك، وقال: ولي مؤلفات كثيرة نسيتها ولا أعرف أسمائها الآن، وأكثرها مختصرات.

وأجلها وأنفعها على الإطلاق "شرح قواعد الإعراب"، و"شرح كلمتي الشهادة"، وله "مختصر في علوم الحديث"، ومختصر في علوم التفسير سمي بـ "التيسير" قدر ثلاث كراريس (١)، وكان يقول: اخترع هذا العلم ولم يسبق إليه، وذلك لأنّ الشَّيخ لم يقف على "البرهان" للزركشي، ولا "مواقع العلوم" للجلال البُلْقِيني.

وكان صحيح العقيدة في الديانات، حسن الاعتقاد في الصوفيَّة، محبًّا لأهل الحديث، كارهًا لأهل البدعة، كثير التعبُّد على كبر سنه، كثير الصدقة والبذل، سليم الفطرة صافي القلب، كثير الاحتمال لأعدائه، صبورًا على الأذى، واسع العلم جدًّا، لازمته أربع عشرة سنة، فما جئته مرة إلا وسمعت منه من التحقيقات (٢) والعجائب ما لم أسمعه قبل ذلك.

قال لي يومًا: ما إعراب "زيد قائم"؟ فقلت: قد صرنا في مقام الصغر تسأل عن هذا؟! فقال لي: في "زيد قائم" مئة وثلاث عشر بحثًا، فقلت: لا


(١) ع: الكواريث.
(٢) ض: التحضعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>