كانت اللغة العربية أيام الجاهلية محجوبة الجمال، مستورة الكمال بما ران عليها من غبار البداوة، وكدرة الجهل، وظلمة الأمية، والتخلف الفكري والحضاري. حتى إذا جاء الإسلام، والتقت بلاغة القرآن المجيد، مع فصاحة الرسول العظيم ﷺ، تبدلت تلك اللغة، فغدت نبع عطاء يهب كل علم يرده من سمو البيان، وإشراق الأحرف، وسحر المعاني ما يأخذ بالالباب. وأنت، أخي الحبيب، في هذا الكتاب الذي بين يديك، ستلمس لغتك في قطرة من فيض خيرها، في التشريع العظيم، والفقه الخالد، وستري عريق النسب بين المعنى اللغوي، والمعنى الفقهي، للكلمة، وقد سميته: القاموس الفقهي لغة واصطلاحا وشيته بآيات بينات من القرآن الكريم، فكانت للآلئ نور يتيه حاملها على الدنيا. وكيف لا أفعل، وهو الكتاب الأبدي، والوحي المعجز، وبين جانحيه أكثر من ثلث لغة الضاد.! وحليته بصحيح الحديث الشريف حتى يبقى إلى الأبد عطرا بعبق النبوة، وروعة البيان .. وضمنته التعريف الشرعي، والفقهي للكلمة، ليكون المسلم على بصيرة من أمره، فهما للغة الشرع والفقه. وكان لزاما أن أفعل ذلك: - لان العربية لغة القرآن، ومادة الإسلام، وتعلمها فرض على كل مسلم. - ولأن الكلمات التي لم تثبت لها معان معينة في الشرع الحنيف، ولا في الفقه الخالد يجب حملها على مقتضى اللغة العربية. - ولا نصوص الشريعة الغراء قد وهبت الكلمة العربية معاني جديدة لم تعرفها قبلا. ولقد كان المقصود الأول لبعثة رسول الله ﷺ تبيان تلك المعاني، وترسيخ أبعادها في النفوس المؤمنة. ولهذا كان فرضا على المسلم معرفتها، والإيمان بها، وتقديسها، ووضعها على الرأس والعين. - ولأن فقهاءنا الكرام، رحمهم الله تعالى حين درسوا تلك النصوص الشرعية المقدسة، وأخرجوا