للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل عليه رجلان في حال استقلاله من علة، فسألاه عن حاله، فقال لهما: أما الآن فلا بأس بي، إلا أنى لقيت في مرضى هذا، ما لو قتلت أبا بكر وعمر، لم أستوجب هذا كله.

فبعث قاضي ألبيرة بكتاب الشهادات إلى الأمير عبد الرحمان بن الحكم، بعد أن سجن هارون في الحديد، فاختلف الفقهاء فيما يجب عليه.

فبعث الأمير بالكتاب إلى أخيه عبد الملك وغيره من الفقهاء.

* * *

فأجاب في ذلك عبد الملك بجوابه العريض الطويل، المتضمن أوراقا كثيرة، يتضمن حسن المخرج لكلام أخيه، وإسقاط الحد عنه والعقوبة.

فأسقط شهادة صاحب السلم، بأن قال: لأنه شاهد واحد، ولم يجعل الله ولا رسوله في شهادة الواحد، وإن كان عدلا مرضيا، مقطعا لحق، ولا تجب بها على أحد عقوبة بحبس، ولا ضربة بسوط، فما فوقه، بل لو شهد عليه واحد، أنه كفر وزنى وسرق وسكر، لما ضرب بشهادته سوطا.

قال: فكيف بما لو اجتمع عليه شاهدان لما وجب فيه شيء، لتصرفه في المعنى إلى ما لا يجب به فيه شيء؟

واحتج بقول عمر: لا يحل لامرئ مسلم يسمع الكلمة من أخيه المسلم - أو عن أخيه المسلم - أن يظن بها ظن سوء، وهو يجد لها في شيء من الخير مصرفا (١٥٥).

ثم قال: ومن تصريف اللفظ أن يقول: عنيت بقوله: أني رأيت من تعلق بالله مخذولا عندكم، ولا تعينونه ولا تعرفون حقه، ومن تعلق بالقرابين كان عزيزا عندكم، حسن الحال فيكم، إذ كان البلد بلد عجم.


(١٥٥) ط: مصرفا - أ م: مصدرا.