للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنك لا تحسن القضاء، فإن كنت صادقا فقد آن لك أن تتعلم (١٥٢)، وإن كنت كاذبا فالكاذب لا يكون أمينا، وقال للآخر كلاما لم يروه الراوى.

ثم قال لصاحب المدينة: وقد أمرك أن تخرج الساعة مع هذين الشيخين عبد الملك وأصبغ، في أربعين غلاما، لينفذوا في هذا الفاسق ما رأيا.

فخرج عبد الملك وهو يقول: سب ربا عبدناه، إن لم ننتصر له إنا لعبيد سوء.

ثم أخرج، ووقف على خشبة، وهو يقول لعبد الملك: اتق الله في دمي أبا مروان، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.

وعبد الملك يقول: (الآن وقد عصيت قبل) (١٥٣).

فلم يزالا حتى صلب وقتل *، وانصرفا.

***

فلما كان بعد هذا، أقيم على هارون بن حبيب، أخى عبد الملك بن حبيب، بمثل هذا، وكان ضيق الصدر، كثير التبرم، ساكنا بألبيرة، متحاملا على أهلها، يسيء القول فيهم. وكان طالع بعض كلام المتكلمين، فشهد عليه قوم عند قاضى ألبيرة عبد الملك بن سلام المعافري، بشهادات، منها:

أن رجلا جاء يطلب منه سلما لصلاح مسجد، فقال له: لو أردته لكنيسة أعطيتكه.

قال له الآخر: أما المسجد أولى؟

قال: لا والله، أنى رأيت من تعلق بالله مخذولا، ومن تعلق بالشنيرة والقرابين (١٥٤) عزيزا حسن الحال.


(١٥٢) ط: فقد آن لك أن تتعلم - أ، م: فما آن لك أن تتعلم.
(١٥٣) الآية ٩١ من سورة يونس.
(١٥٤) كذا ورد في نسختي ك، م: "بالشنيرة والقرابين" وورد في نسخة ط: "بالشهوة والقرابين" أما في نسخة "أ" فإنها غير واضحة.