للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المبسوطة: قال يحيى بن يحيى: لا تجد من يعقل يلزم ما يعاب عليه، ولقد رأيت محمد بن بشير لبس ما لا يعرف ببلده، يعنى الخز، فما لبسه إلا أربعين يوما، ثم ترك ذلك لاستبشاعه، لا لغير ذلك.

[ذكر شيء من أعيان أقضيته التي دلت على ثبات قدمه في الحق، وبقية خبره]

قال أحمد بن خالد: كان أول ما نفذه ابن بشير من نافذ أحكامه، التسجيل على الأمير الحكم في أرحاء القنطرة (٤٠٤) بباب قرطبة، إذ ثبت عنده حق مدعيها، ولم يكن عند الأمير مدفع، فسجل فيها، وأشهد على نفسه، فلما مضت مديدة، ابتاعها له ابتياعًا صحيحًا، فسر بذلك الحكم بعد مساءة، وجعل يقول: رحم الله ابن بشير، فقد أحسن فيما فعل بنا على كره منا، إذ كان في أيدينا شيء مشتبه، فصحح ملكه لنا؛

قال ابن وضاح: حكم ابن بشير على ابن فطيس الوزير، في حق ثبت عنده، دون أن يعرفه بالشهود عليه، فشكا ابن فطيس ذلك إلى الأمير. وتظلم [منه، وأوصى إلى ابن بشير بذلك، وذكر له شكوى ابن فطيس] (٤٠٥) من إمضائه الحكم عليه دون أعذار، وهو حق له بإجماع أهل العلم.

فكتب إليه ابن بشير: ليس ابن فطيس ممن يعرف بمن شهد عليه، لأنه إن لم يجد سبيلًا إلى تجريحهم لم يتحرج عن أذاهم، فيدعون الشهادة هم ومن يقتدى بهم، ويضيع يضيع أمر الناس،


(٤٠٤) أ، ك: "في إرخاء القنطرة" ط: (في أرحا القنطرة) ولعل الصواب ما أثبتناه "أرحاء" جمع رحى، وهي الطاحون.
(٤٠٥) سقط من نسخة ط قوله: "منه وأوصى إلى ابن بشير بذلك، وذكر له شكوى ابن فطيس".