للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيل له: إنهم خرجوا مداراة.

فقال: اسكت أرأيت لو نزل الروم بنا، فقالوا: إنما تنزلون على حكمنا أو نجاهدكم، هل كان يجوز أن ننزل على حكمهم؟ وإن عشت سترى من أحكام هؤلاء ما هو شر من أحكام الشرك!

وكان رجل من المتصوفة يحضر مجلسه، فإذا سمع شيئا من الرقائق عصر عينيه، فيقول له: لست من أهل هذا.

فلما دخل الشيعي صار يخدم كتابه.

وكان جبلة إذا رأى ابن غازى في أول أمره وعبادته وتصوفه ورباطه وطلبه العلم، يقول: هذا الرأس ليس يموت على الإسلام.

فلما دخل عبيد الله، تشرق ابن غازى، بعد الاجتهاد في العبادة، وسكنى الثغور، وطلب العلم، ودخل في دعوتهم، وقال بالإباحة (٤٠٠)، وكان ممن قال لعبيد الله: أنت أنت.

[ذكر شدته على أهل البدع ومجانبته إياهم وقوته في ذات الله ﷿]

كان شديدا في ذلك، لا يدارى فيه أحدًا، ولم يكن أحد أكثر مجاهدة منه للروافض وشيعهم، فنجاه الله منهم.

ولما دخل عبيد الله أفريقية، ونزل رقادة، ترك جبلة سكنى الرباط ونزل القيروان، فكلم في ذلك، فقال: كنا نحرس عدوا بيننا وبينه البحر، والآن حل هذا العدو بساحتنا، وهو أشد علينا من ذلك.

فكان إذا أصبح وصلى الصبح، خرج إلى طرف القيروان من ناحية رقادة، معه سيفه وترسه وقوسه وسهامه، وجلس محاذيا لرقادة نهاره إلى غروب الشمس، ثم يرجع إلى داره، ويقول: أحرس عورات المسلمين منهم، فإن رأيت منهم شيئا حركت المسلمين عليهم.


(٤٠٠) ط: وقال بالإباحة - ا: وقال بالإجابة.