فأقبل على رعاية البقر، فكان إذا أصبح، يأخذ مصحفه في مخلاته، وعصاه، ويخرج بها، وساق البقر، وأبعدها عن العمارة، وأقبل على قراءة القرآن، فإذا أقبل الليل، أتى به.
فسلمه الله من فتنة بنى عبيد، وحمل ذكره.
ولقد زاره قوم في مرعاه، فلما رآهم، من بعيد، أخذ عصاه، وأقبل يجرى قدام البقر، كما تفعل الرعاة، فلما رأوا ذلك تركوه.
وكان يحكى أن ابن عبدوس وغيره، سأل سحنون عن الورع، فقال: ترك دائق مما كره الله، خير من سبعين ألف حجة، يتبعها سبعون ألف عمرة مبرورة متقبلة، وأفضل من سبعين ألف فرس في سبيل الله، بزادها وسلاحها. ومن سبعين ألف بدنة تهديها إلى بيت الله، ومن عتق سبعين ألف رقبة مؤمنة من ولد إسماعيل.
فذكرت الحكاية لعبد الجبار بن خالد، فقال: نعم! وأفضل من ملء الأرض إلى عنان السماء ذهبا وفضة، كسبت من حلال، وأنفقت في سبيل الله، يراد بها وجه الله.
وتوفى في الورداء سنة ثلاثمائة.
[ومن هذه الطبقة]
[سعيد بن مسرور]
مولى القبرياني، كان ثبتا ثقة صالحا.
أخذ عنه سهل، وابن بسطام، وأبو العرب.
وسمع ابن عبد الحكم، ويونس بن عبد الأعلى، والكوفي، وابن مرزوق، وغيرهم.