قال القاضي أبو الفضل ﵁: الأشبه بطلان هذه الحكاية، فإن لابن حبيب كتابا في كراهة الغناء.
قال القاضي منذر بن سعيد: لو لم يكن من فضل عبد الملك، إلا أنك لا تجد أحدا ممن تحكى عنه معارضته والرد لقوله ساواه في شيء. وأكثر ما تجد أحدهم يقول: كذب عبد الملك، وأخطأ. ثم لا يأتى بدليل على ما ذكره.
[ذكر باقي أخباره وفضائله ونوادر أشعاره]
ذكروا أنه رفع إلى الأمير عبد الرحمان بن الحكم أن قاضيه إبراهيم بن العباس المرواني، ويحيى بن يحيى، وجماعة، يعملون على خلعه، وتقديم القاضي إبراهيم مكانه، وأن القاضي لا يقبل من أهل قرطبة إلا من أشار يحيى بقبوله، وكان يحيى هو الذي أشار على الأمير بتوليته القضاء، وأن يكون زونان كاتبه.
فوجه الأمير في ابن حبيب وقال له: تعلم يدى عندك، وأريد أن أسألك عن شيء فاصدقني فيه.
فقال: نعم، لا تسألني عن شيء إلا صدقتك فيه.
فقال له: أنه رفع إلينا عن يحيى، والقاضى، أنهما يعملان علينا في هذا الأمر.
فقال له ابن حبيب: قد علم الأمير ما بينى وبين يحيى، ولكني لا أقول عليه إلا الحق، ليس يجيء من يحيى إلا ما يجيء منى، وكل ما رفع عليه فباطل، وأما القاضي، فلا ينبغى للأمير أن يشركه في عدله من يشركه في نسبه.
فعزل القاضي.
وقد رأينا أن يحيى قارضه أيضا بمثل هذا، ولست أعلم أي قصة قبل صاحبتها.