وقال أبو عمر بن عبد البر: وكثير هو المكنى بأبي عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس، وكانوا يعرفون يبنى أبي عيسى.
[ذكر ابتداء طلبه العلم ورحلته]
قال الرازي: كان طلب يحيى بن يحيى العلم، أنه كان يمر بزياد، وهو يقول على أصحابه، فيميل إليه، ويقعد عنده، فأعجب ذلك زيادًا وأدناه يومًا، وقال له: يا بنى ان كنت عازما على التعلم، فخذ من شعرك، وأصلح زيك - وكان بزى الخدمة - ففعل يحيى ذلك، فسر به زياد، واجتهد فى تعليمه حتى برع تلاميذه.
ثم قال له زياد بعد مدة: ان الرجال الذين حملنا العلم عنهم باقون، وعجز بك أن تروى عمن دونهم، فخرج يحيى بعد أن استسلف زياد له مالا، اذ رغب عن مال أبيه ومضى، فحج وسمع مالكا والليث، وكان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين، السنة التي مات فيها مالك، وانصرف إلى الأندلس، فلم يلبث إلا يسيرا حتى هلك أبوه بعمله بالجزيرة، فأخذ ما طاب من مال أبيه، ثم عاد فحج ولقى جلة أصحاب مالك، ثم انصرف.
وذكر مثل هذا ابن حارث، وأنه كانت ليحيى رحلتان من الأندلس، سمع في أولاهما من مالك، والليث وابن وهب، واقتصر في الأخرى على ابن القاسم، فيه تفقه؛
قال ابن الفرضى وأبو عمر بن عبد البر وغيرهما ـ وبعضهم يزيد على بعض -: سمع يحيى من زياد، لأول نشأته، موطأ مالك بن أنس، وسمع من يحيى بن مضر، ثم رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك