[باب في ذكر عبادة مالك وورعه وخوفه وعزلته وإجابة دعائه]
قال القاضي ﵁:
قال الزبير بن حبيب: كنت أرى مالكا إذا دخل الشهر أحيى أول ليلة منه، وكنت أظنه إنما يفعل ذلك ليفتتح به الشهر.
وقالت فاطمة بنت مالك: كان مالك يصلى كل ليلة * حزبه، فإذا كانت ليلة الجمعة أحياها كلها.
قال المغيرة: خرجت ليلة بعد أن هجع الناس هجعة، فمررت بمالك بن أنس، فإذا أنا به قائم يصلى، فلما فرغ من "الحمد لله" ابتدأ بـ "الهاكم التكاثر" حتى بلغ "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" فبكى بكاء طويلا، وجعل يرددها ويبكي، وشغلني ما سمعت منه ورأيت منه عن حاجتي التي خرجت إليها، فلم أزل قائما وهو يرددها ويبكى حتى طلع الفجر، فلما تبين له ركع، فصرت إلى منزلى، فتوضأت ثم أتيت المسجد، فإذا به في مجلسه والناس حوله، فلما أصبح نظرت فإذا أنا بوجهه قد علاه نور حسن.
قال محمد بن خالد بن عثمة (٩٠): كنت إذا رأيت وجه مالك، رأيت أعلام الآخرة في وجهه، فإذا تكلم علمت أن الحق يخرج من فيه.
(٩٠) ك: محمد بن خالد بن عثمة .. هو محمد بن خالد البصري، وعثمة بضم العين وسكون الثاء أمه، وقد روى عن الإمام مالك وعن غيره. انظر الخلاصة ص ٣٣٤ وتقريب التهذيب لابن حجر ص ١٨١ - وقد ورد في نسخة أ، محمد بن خالد بن عنمة - وفى ط: محمد بن خالد، ابن عمه - وفى نسخة م: محمد بن خالد بن حثمة.